(تَسْتَكْثِرُ) بمعنى تجده كثيرا وبالنصب على إضمار أن ، وقد قرئ بها وعلى هذا يجوز أن يكون الرفع بحذفها وإبطال عملها ، كما روي : احضر الوغى. بالرفع.
(وَلِرَبِّكَ) لوجهه أو أمره. (فَاصْبِرْ) فاستعمل الصبر ، أو فاصبر على مشاق التكاليف وأذى المشركين.
(فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ)(١٠)
(فَإِذا نُقِرَ) نفخ. (فِي النَّاقُورِ) في الصور فاعول من النقر بمعنى التصويت وأصله القرع الذي هو سبب الصوت ، والفاء للسببية كأنه قال : اصبر على زمان صعب تلقى فيه عاقبة صبرك وأعداؤك عاقبة ضرهم ، و «إذا» ظرف لما دل عليه قوله :
(فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ) لأن معناه عسر الأمر على الكافرين ، وذلك إشارة إلى وقت النقر ، وهو مبتدأ خبره (يَوْمٌ عَسِيرٌ) و (يَوْمَئِذٍ) بدل أو ظرف لخبره إذ التقدير : فذلك الوقت وقت وقوع (يَوْمٌ عَسِيرٌ). (غَيْرُ يَسِيرٍ) تأكيد بمنع أن يكون عسيرا عليهم من وجه دون وجه ويشعر بيسره على المؤمنين.
(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً (١٢) وَبَنِينَ شُهُوداً)(١٣)
(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) نزلت في الوليد بن المغيرة ، و (وَحِيداً) حال من الياء أي ذرني وحدي معه فإني أكفيكه ، أو من التاء أي ومن خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد ، أو من العائد المحذوف أي من خلقته فريدا لا مال له ولا ولد ، أو ذم فإنه كان ملقبا به فسماه الله به تهكما ، أو إرادة أنه وحيد ولكن في الشرارة أو عن أبيه فإنه كان زنيما.
(وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً) مبسوطا كثيرا أو ممدا بالنماء ، وكان له الزرع والضرع والتجارة.
(وَبَنِينَ شُهُوداً) حضورا معه بمكة يتمتع بلقائهم لا يحتاجون إلى سفر لطلب المعاش استغناء بنعمته ، ولا يحتاج إلى أن يرسلهم في مصالحه لكثرة خدمه ، أو في المحافل والأندية لوجاهتهم واعتبارهم. قيل كان له عشرة بنين أو أكثر كلهم رجال ، فأسلم منهم ثلاثة خالد وعمارة وهشام.
(وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ) (١٥)
(وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً) وبسطت له الرياسة والجاه العريض حتى لقب ريحانة قريش والوحيد أي باستحقاقه الرياسة والتقدم.
(ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ) على ما أوتيه وهو استبعاد لطمعه إما لأنه لا مزيد على ما أوتي ، أو لأنه لا يناسب ما هو عليه من كفران النعم ومعاندة المنعم ولذلك قال :
(كَلاَّ إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً)(١٧)
(كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) فإنه ردع له عن الطمع وتعليل للردع على سبيل الاستئناف بمعاندة آيات المنعم المناسبة لإزالة النعمة المانعة عن الزيادة ، قيل : ما زال بعد نزول هذه الآية في نقصان ماله حتى هلك.
(سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) سأغشيه عقبة شاقة المصعد ، وهو مثل لما يلقى من الشدائد. وعنه عليه الصلاة والسلام «الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوي فيه كذلك أبدا».
(إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) (٢٠).