(إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ) تعليل للوعيد أو بيان للعناد ، والمعنى فكر فيما يخيل طعنا في القرآن وقدر في نفسه ما يقول فيه.
(فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) تعجب من تقديره استهزاء به ، أو لأنه أصاب أقصى ما يمكن أن يقال عليه من قولهم : قتله الله ما أشجعه ، أي بلغ في الشجاعة مبلغا يحق أن يحسد ويدعو عليه حاسده بذلك. روي أنه مر بالنبي صلىاللهعليهوسلم وهو يقرأ (حم) «السجدة» ، فأتى قومه وقال لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس والجن ، إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق ، وإنه ليعلو ولا يعلى. فقالت قريش صبأ الوليد فقال ابن أخيه أبو جهل : أنا أكفيكموه ، فقعد إليه حزينا وكلمه بما أحماه فناداهم فقال : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق ، وتقولون إنه كاهن فهل رأيتموه يتكهن ، وتزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعرا ، فقالوا لا فقال : ما هو إلا ساحر أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه ، ففرحوا بقوله وتفرقوا عنه متعجبين منه.
(ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) تكرير للمبالغة وثم للدلالة على أن الثانية أبلغ من الأولى وفيما بعد على أصلها.
(ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقالَ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هذا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ)(٢٥)
(ثُمَّ نَظَرَ) أي في أمر القرآن مرة بعد أخرى.
(ثُمَّ عَبَسَ) قطب وجهه لما لم يجد فيه مطعنا ولم يدر ما يقول ، أو نظر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقطب في وجهه. (وَبَسَرَ) اتباع لعبس.
(ثُمَّ أَدْبَرَ) عن الحق أو الرسول عليه الصلاة والسلام. (وَاسْتَكْبَرَ) عن اتباعه.
(فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) يروى ويتعلم ، والفاء للدلالة على أنه لما خطرت هذه الكلمة بباله تفوه بها من غير تلبث وتفكر.
(إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) كالتأكيد للجملة الأولى ولذلك لم يعطف عليها.
(سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ (٢٧) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ)(٣٠)
(سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) بدل من (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) :
(وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ) تفخيم لشأنها تعالى وقوله : (لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ) بيان لذلك أو حال من سقر ، والعامل فيها معنى التعظيم والمعنى لا تبقي على شيء يلقى فيها ولا تدعه حتى تهلكه.
(لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) أي مسودة لأعالي الجلد ، أو لائحة للناس وقرئت بالنصب على الاختصاص.
(عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) ملكا أو صنفا من الملائكة يلون أمرها ، والمخصص لهذا العدد أن اختلال النفوس البشرية في النظر والعمل بسبب القوى الحيوانية الاثنتي عشرة والطبيعة السبع ، أو أن لجهنم سبع دركات ست منها لأصناف الكفار وكل صنف يعذب بترك الاعتقاد والإقرار ، والعمل أنواعا من العذاب تناسبها على كل نوع ملك أو صنف يتولاه وواحدة لعصاة الأمة يعذبون فيها بترك العمل نوعا يناسبه ويتولاه ملك ، أو صنف أو أن الساعات أربع وعشرون خمسة منها مصروفة في الصلاة فيبقى تسعة عشر قد تصرف فيما يؤاخذ به بأنواع من العذاب يتولاها الزبانية ، وقرئ «تسعة عشر» بسكون العين كراهة توالي حركات فيما هو كاسم واحد و «تسعة أعشر» جمع عشير كيمين وأيمن ، أي تسعة كل عشير جمع يعني نقيبهم أو جمع عشر فتكون