نومكم.
(وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً) سبع سموات أقوياء محكمات لا يؤثر فيها مرور الدهور.
(وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) متلألئا وقادا من وهجت النار إذا أضاءت ، أو بالغا في الحرارة من الوهج وهو الحر والمراد الشمس.
(وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (١٤) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً)(١٦)
(وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ) السحائب إذا أعصرت أي شارفت أن تعصرها الرياح فتمطر كقولك : أحصد الزرع إذا حان له أن يحصد ، ومنه أعصرت الجارية إذا دنت أن تحيض ، أو من الرياح التي حان لها أن تعصر السحاب ، أو الرياح ذوات الأعاصير ، وإنما جعلت مبدأ للإنزال لأنها تنشئ السحاب وتدرأ خلافه ، ويؤيده أنه قرئ «بالمعصرات». (ماءً ثَجَّاجاً) منصبا بكثرة يقال ثجه وثج بنفسه. وفي الحديث «أفضل الحج العج والثج» أي رفع الصوت بالتلبية وصب دماء الهدي ، وقرئ «ثجاجا» و «مثاجج» الماء مصابه.
(لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً) ما يقتات به وما يعتلف من التبن والحشيش.
(وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) ملتفة بعضها ببعض جمع لف كجذع. قال :
جنّة لف وعيش مغدق |
|
وندامى كلّهم بيض زهر |
أو لفيف كشريف أو لف جمع لفاء كخضراء وخضر وأخضار أو متلفة بحذف الزوائد.
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً)(١٨)
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ) في علم الله تعالى أو في حكمه. (مِيقاتاً) حدا تؤقت به الدنيا وتنتهي عنده ، أو حدا للخلائق ينتهون إليه.
(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) بدل أو بيان ليوم الفصل. (فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) جماعات من القبور إلى المحشر. روي «أنه صلىاللهعليهوسلم سئل عنه فقال : يحشر عشرة أصناف من أمتي بعضهم على صورة القردة ، وبعضهم على صورة الخنازير ، وبعضهم منكسون يسحبون على وجوههم ، وبعضهم عمي وبعضهم صم بكم ، وبعضهم يمضغون ألسنتهم فهي مدلاة على صدورهم فيسيل القيح من أفواههم يتقذرهم أهل الجمع ، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم ، وبعضهم مصلوبون على جذوع من نار ، وبعضهم أشد نتنا من الجيف ، وبعضهم ملبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم» ثم فسرهم بالقتات وأهل السحت وأكلة الربا والجائرين في الحكم والمعجبين بأعمالهم ، والعلماء الذين خالف قولهم عملهم ، والمؤذين جيرانهم والساعين بالناس إلى السلطان ، والتابعين للشهوات المانعين حق الله ، والمتكبرين الخيلاء.
(وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً)(٢٠)
(وَفُتِحَتِ السَّماءُ) وشققت وقرأ الكوفيون بالتخفيف. (فَكانَتْ أَبْواباً) فصارت من كثرة الشقوق كأن الكل أبواب أو فصارت ذات أبواب.
(وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ) أي في الهواء كالهباء. (فَكانَتْ سَراباً) مثل سراب إذ ترى على صورة الجبال ولم تبق على حقيقتها لتفتت أجزائها وانبثاثها.
(إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢) لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً)(٢٣).