(ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٢٨) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ)(٢٩)
(ذلِكَ) : إشارة إلى الأسوأ. (جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ) خبره. (النَّارُ) عطف بيان لل (جَزاءُ) أو خبر محذوف. (لَهُمْ فِيها) في النار. (دارُ الْخُلْدِ) فإنها دار إقامتهم ، وهو كقولك : في هذه الدار دار سرور ، وتعني بالدار عينها على أن المقصود هو الصفة. (جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) ينكرون الحق أو يلغون ، وذكر الجحود الذي هو سبب اللغو.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) يعني شيطاني النوعين الحاملين على الضلالة والعصيان. وقيل هما إبليس وقابيل فإنهما سنا الكفر والقتل ، وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب وأبو بكر والسوسي (أَرِنَا) بالتخفيف كفخذ في فخذ ، وقرأ الدوري باختلاس كسرة الراء. (نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا) ندسهما انتقاما منهما ، وقيل نجعلهما في الدرك الأسفل. (لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) مكانا أو ذلا.
(إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)(٣٠)
(إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ) اعترافا بربوبيته وإقرارا بوحدانيته. (ثُمَّ اسْتَقامُوا) في العمل و (ثُمَ) لتراخيه عن الإقرار في الرتبة من حيث أنه مبدأ الاستقامة ، أو لأنها عسر قلما تتبع الإقرار ، وما روي عن الخلفاء الراشدين في معنى الاستقامة من الثبات على الإيمان وإخلاص العمل وأداء الفرائض فجزئياتها. (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) فيما يعن لهم بما يشرح صدورهم ويدفع عنهم الخوف والحزن ، أو عند الموت أو الخروج من القبر. (أَلَّا تَخافُوا) ما تقدمون عليه. (وَلا تَحْزَنُوا) على ما خلفتم وأن مصدرية أو مخففة مقدرة بالباء أو مفسرة. (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) في الدنيا على لسان الرسل.
(نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ(٣١) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) (٣٢)
(نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) نلهمكم الحق ونحملكم على الخير بدل ما كانت الشياطين تفعل بالكفرة. (وَفِي الْآخِرَةِ) بالشفاعة والكرامة حيثما يتعادى الكفرة وقرناؤهم. (وَلَكُمْ فِيها) في الآخرة (ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ) من اللذائذ (وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ) ما تتمنون من الدعاء بمعنى الطلب وهو أعم من الأول.
(نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) حال من ما تدعون للإشعار بأن ما يتمنون بالنسبة إلى ما يعطون مما لا يخطر ببالهم كالنزل للضيف.
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣) وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)(٣٤)
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ) إلى عبادته. (وَعَمِلَ صالِحاً) فيما بينه وبين ربه. (وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) تفاخرا به واتخاذا للإسلام دينا ومذهبا من قولهم : هذا قول فلان لمذهبه. والآية عامة لمن استجمع تلك الصفات. وقيل نزلت في النبي صلىاللهعليهوسلم وقيل في المؤذنين.
(وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) في الجزاء وحسن العاقبة و (لا) الثانية مزيدة لتأكيد النفي. (ادْفَعْ