(وَزُخْرُفاً) وزينة عطف على (سُقُفاً) أو ذهبا عطف على محل من فضة (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) إن هي المخففة واللام هي الفارقة. وقرأ عاصم وحمزة وهشام بخلاف عنه لما بالتشديد بمعنى إلا وإن نافية ، وقرئ به مع أن وما (وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) عن الكفر والمعاصي ، وفيه دلالة على أن العظيم هو العظيم في الآخرة لا في الدنيا ، وإشعار بما لأجله لم يجعل ذلك للمؤمنين حتى يجتمع الناس على الإيمان ، وهو أنه تمتع قليل بالإضافة إلى ما لهم في الآخرة مخل به في الأغلب لما فيه من الآفات قل من يتخلص عنها كما أشار إليه بقوله :
(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ)(٣٧)
(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ) يتعام ويعرض عنه لفرط اشتغاله بالمحسوسات وانهماكه في الشهوات ، وقرئ «يعش» بالفتح أي يعم يقال عشى إذا كان في بصره آفة وعشى إذا تعشى بلا آفة كعرج وعرج ، وقرئ «يعشو» على أن (مَنْ) موصولة. (نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) يوسوسه ويغويه دائما ، وقرأ يعقوب بالياء على إسناده إلى ضمير (الرَّحْمنِ) ، ومن رفع «يعشو» ينبغي أن يرفع (نُقَيِّضْ).
(وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) عن الطريق الذي من حقه أن يسبل ، وجمع الضميرين للمعنى إذ المراد جنس العاشي والشيطان المقيض له. (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) الضمائر الثلاثة الأول له والباقيان للشيطان.
(حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨) وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ)(٣٩)
(حَتَّى إِذا جاءَنا) أي العاشي ، وقرأ الحجازيان وابن عامر وأبو بكر «جاآنا» أي العاشي والشيطان. (قالَ) أي العاشي للشيطان. (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) بعد المشرق من المغرب ، فغلب المشرق وثنى وأضيف البعد إليهما. (فَبِئْسَ الْقَرِينُ) أنت.
(وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ) أي ما أنتم عليه من التمني. (إِذْ ظَلَمْتُمْ) إذ صح أنكم ظلمتم أنفسكم في الدنيا بدل من (الْيَوْمَ). (أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) لأن حقكم أن تشتركوا أنتم وشياطينكم في العذاب كما كنتم مشتركين في سببه ، ويجوز أن يسند الفعل إليه بمعنى. ولن ينفعكم اشتراككم في العذاب كما ينفع الواقعين في أمر صعب معاونتهم في تحمل أعبائه وتقسمهم لمكابدة عنائه ، إذ لكل منكم ما لا تسعه طاقته. وقرئ «إنّكم» بالكسر وهو يقوي الأول.
(أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٠) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ)(٤٢)
(أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ) إنكار وتعجب من أن يكون هو الذي يقدر على هدايتهم بعد تمرنهم على الكفر واستغراقهم في الضلال بحيث صار عشاهم عمى مقرونا بالصمم. كان رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يتعب نفسه في دعاء قومه وهم لا يزيدون إلا غيا فنزلت. (وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) عطف على (الْعُمْيَ) باعتبار تغاير الوصفين ، وفيه إشعار بأن الموجب لذلك تمكنهم في ضلال لا يخفى.
(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ) أي فإن قبضناك قبل أن نبصرك عذابهم ، و «ما» مزيدة مؤكدة بمنزلة لام القسم في استجلاب النون المؤكدة (فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) بعذاب في الدنيا والآخرة.