فقال أبو بكر : والله لو منعوني عقال (١) ناقة مما كان يأخذ منهم النبي صلوات الله عليه لقاتلتهم عليه أبدا حتى ينجز الله وعده. فإن قضاءه (٢) حق ، ووعده صادق لا خلف فيه. وقد قال الله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) (٣).
فقال عمر : سمعا وطاعة لأمرك يا خليفة رسول الله. ثم كان ما كان من إظهار الله إياه عليهم ، واستقامة أمر المسلمين والإسلام بيمن خلافته ، وقوة يقينه ، وثبات عزمه رضي الله عنه.
ولما خطب الناس يدعوهم إلى غزو الروم (٤) سكتوا جميعا فوثب عمر ، وقال :
يا معشر المسلمين ما لكم لا تجيبون خليفة (٥) رسول الله ، وقد دعاكم إلى الجنة التي وعد المتقون. أما والله (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ) (٦) (بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ) (٧).
__________________
(١) العقال ، صدقة عام. انظر الصحاح ، لسان العرب (عقل).
(٢) في الأصل : (قضاؤه).
(٣) النور : ٥٥.
(٤) في الأصل : (الدم).
(٥) في الأصل : (لا يحبون خليفة).
(٦) في الأصل : (والي).
(٧) من سورة التوبة : ٤٢ وفي الأصل : (عليكم وهو. إشارة إلى قوله تعالى : (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً).