أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١). وأما الآخر ، فصلب في دين الله ، قوي شديد مثله كمثل نوح عليهالسلام إذ قال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) (٢) ، وموسى عليهالسلام إذ قال : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) (٣).
فصل
في حسن آثاره في الإسلام
لما قبض الله نبيه (٤) صلوات الله عليه لم يجسر أحد من المسلمين على نعيه ، ولم يستجر ذكر موته (٥) ، لجلالته في النفوس ، وعظم شأنه في القلوب ، حتى قام أبو بكر رضي الله عنه خطيبا بعد أن حمد الله ، وأثنى عليه (٦) :
__________________
(١) المائدة : ١١٨.
(٢) نوح : ٢٦ ، ٢٧.
(٣) يونس : ٨٨ وفي الأل : (حتى مروا العذاب).
(٤) في الأصل : (بينه).
(٥) في الأصل : (يستحز قوته).
(٦) الخطبة في سيرة النبي صلىاللهعليهوسلم ق ٢ : ٦٥٥ وفي تاريخ الطبري : حوادث سنة ١١ ه وسيرة عمر بن الخطاب ص ٣٤ ، أن أبا بكر خرج وعمر بن الخطاب يكلم الناس. فقال اجلس يا عمر. فقال أبو بكر : أما بعد : من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان .. قال والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها الناس كلهم فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها. نثر الدر ٢ / ١٧. وفي تاريخ ابن خلدون ٢ / ٨٥١ وفي البداية والنهاية ٦ / ٣١٢ أنه خطب بعد أحداث الردة في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : الحمد لله الذي هدى فكفى ، وأعطى فأغنى. إن الله بعث محمدا والعلم شريد ، والإسلام غريب طريد وقد رث حبله ، وخلف عهده ... ثم يذكر النص المذكور أعلاه.