قال عبد الملك بن مروان يوما لجلسائه : من أشعر الناس؟ فقالوا الذي قال :
فأنفق وأتلف إنما المال عارة |
|
وكله مع الدهر الذي هو آكله |
فقال عبد الملك : قول الله أصدق ، وأحسن : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) (١).
وقال يوما لعمر بن عبد العزيز : كيف نفقتك يا أبا حفص؟ فقال : يا أمير المؤمنين الحسنة بين المسألتين. قال : وكيف (٢)؟ قال : يقول الله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) (٣).
وسئل بعضهم عن الاقتصاد. فقال :
هو قوله تعالى : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) (٤).
وهذا الأدب ليس في الإنفاق وحده بل في كل معنى من المعاني يستحب التوسط ، ويكره الإفراط ألا تسمع العرب تقول (٥) : لا يكن حبك كلفا ، ولا بغضك تلفا.
وتقول : لا تكن حلوا فتحتسى ، ولا مرا فتلفظ (٦).
__________________
(١) الفرقان : ٦٧.
(٢) في الأصل : (وكفف) وهو تحريف.
(٣) الفرقان : ٦٧.
(٤) الإسراء : ٢٩.
(٥) في الأصل : (يقول).
(٦) في الأصل : (فتجشأ) وهو تحريف في النسخ. وفي الفاخر : ٢٤٧ : (لا تكن حلوا فتزدرد ولا مرا فتلفظ).