(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)(٧٩)
____________________________________
عليهم (فَوَيْلٌ) هو وأمثاله من ويح وويس وويب وويه وويك وعول من المصادر المنصوبة بأفعال من غير لفظها لا يجوز إظهارها البتة فإن أضيف نصب نحو ويلك وويحك وإذا فصل عن الإضافة رفع نحو ويل له ومعنى الويل شدة الشر قاله الخليل وقال الأصمعى الويل التفجع والويح الترحم وقال سيبويه ويل لمن وقع فى الهلكة وويح زجر لمن أشرف على الهلاك وقيل الويل الحزن وهل ويح وويب وويس بذلك المعنى أو بينه وبينها فرق وقيل ويل فى الدعاء عليه وويح وما بعده فى الترحم عليه وقال ابن عباس رضى الله عنهما الويل العذاب الأليم وعن سفيان الثورى أنه صديد أهل جهنم وروى أبو سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال الويل واد فى جهنم يهوى فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره وقال سعيد بن المسيب أنه واد فى جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لماعت من شدة حره وقال ابن بريدة جبل قيح ودم وقيل صهريج فى جهنم وحكى الزهراوى أنه باب من أبواب جهنم وعلى كل حال فهو مبتدأ خبره قوله عز وعلا (لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ) أى المحرف أو ما كتبوه من التأويلات الزائغة (بِأَيْدِيهِمْ) تأكيد لدفع توهم المجاز كقولك كتبته بيمينى (ثُمَّ يَقُولُونَ هذا) أى جميعا على الأول وبخصوصه على الثانى (مِنْ عِنْدِ اللهِ) روى أن أحبار اليهود خافوا ذهاب مآكلهم وزوال رياستهم حين قدم النبىصلىاللهعليهوسلم المدينة فاحتالوا فى تعويق أسافل اليهود عن الإيمان فعمدوا إلى صفة النبى صلىاللهعليهوسلم فى التوراة وكانت هى فيها حسن الوجه حسن الشعر أكحل العينين ربعة فغيروها وكتبوا مكانها طوال أزرق سبط الشعر فإذا سألهم سفلتهم عن ذلك قرءوا عليهم ما كتبوا فيجدونه مخالف لصفته عليهالسلام فيكذبونه وثم للتراخى الرتبى فإن نسبة المحرف والتأويل الزائغ إلى الله سبحانه صريحا أشد شناعة من نفس التحريف والتأويل (لِيَشْتَرُوا بِهِ) أى يأخذوا لأنفسهم بمقابلته (ثَمَناً) هو ما أخذوه من الرشى بمقابلة ما فعلوا من التحريف والتأويل وإنما عبر عن المشترى الذى هو المقصود بالذات فى عقد المعاوضة بالثمن الذى هو وسيلة فيه إيذانا بتعكيسهم حيث جعلوا المقصود بالذات وسيلة والوسيلة مقصودا بالذات (قَلِيلاً) لا يعبأ به فإن ذلك وإن جل فى نفسه فهو أقل قليلا عندما استوجبوا به من العذاب الخالد (فَوَيْلٌ لَهُمْ) تكرير لما سبق للتأكيد وتصريح بتعليله بما قدمت أيديهم بعد الإشعار به فيما سلف بإيراد بعضه فى حيز الصلة وبعضه فى معرض الغرض والفاء للإيذان بترتبه عليه ومن فى قوله عزوجل (مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ) تعليلية متعلقة بويل أو بالاستقرار فى الخبر وما موصولة اسمية والعائد محذوف أى كتبته أو مصدرية والأول أدخل فى الزجر عن تعاطى المحرف والثانى فى الزجر عن التحريف (وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) الكلام فيه كالذى فيما قبله والتكرير لما مر من التأكيد والتشديد والقصد إلى التعليل بكل من الجانبين وعدم التعرض لقولهم هذا من عند الله لما أنه من مبادى ترويج ما كتبت أيديهم فهو