(مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ (٩٨) وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلاَّ الْفاسِقُونَ)(٩٩)
____________________________________
ومنع الصرف فيه للتعريف والعجمة وقيل معناه عبد الله (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ) تعليل لجواب الشرط قائم مقامه والبارز الأول لجبريل عليهالسلام والثانى للقرآن أضمر من غير ذكر إيذانا بفخامة شأنه واستغنائه عن الذكر لكمال شهرته ونباهته لا سيما عند ذكر شىء من صفاته (عَلى قَلْبِكَ) زيادة تقرير للتنزيل ببيان محل الوحى فإنه القائل الأول له ومدار الفهم والحفظ وإيثار الخطاب على التكلم المبنى على حكاية كلام الله تعالى بعينه كما فى قوله تعالى (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) لما فى النقل بالعبارة من زيادة تقرير لمضمون المقالة (بِإِذْنِ اللهِ) بأمره وتيسيره مستعار من تسهيل الحجاب وفيه تلويح بكمال توجه جبريل عليهالسلام إلى تنزيله وصدق عزيمته عليهالسلام وهو حال من فاعل نزله وقوله تعالى (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) أى من الكتب الإلهية التى معظمها التوراة حال من مفعوله وكذا قوله تعالى (وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) والعامل فى الكل نزله والمعنى من عادى جبريل من أهل الكتاب فلا وجه لمعاداته بل يجب عليه محبته فإنه نزل عليك كتابا مصدقا لكتبهم أو فالسبب فى عداوته تنزيله لكتاب مصدق لكتابهم موافق له وهم له كارهون ولذلك حرفوا كتابهم وجحدوا موافقته له لأن الاعتراف بها يوجب الإيمان به وذلك يستدعى انتكاس أحوالهم وزوال رياستهم وقيل إن الجواب فقد خلع ربقة الإنصاف أو فقد كفر بما معه من الكتاب أو فليمت غيظا أو فهو عدولى وأنا عدو له (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ) أريد بعداوته تعالى مخالفة أمره عنادا والخروج عن طاعته مكابرة أو عداوة خواصه ومقربيه لكن صدر الكلام بذكره الجليل تفخيما لشأنهم وإيذانا بأن عداوته عز وعلا كما فى قوله عزوجل والله (وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) ثم صرح بالمرام فقيل (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) وإنما أفردا بالذكر مع أنهما أول من يشمله عنوان الملكية والرسالة لإظهار فضلهما كأنهما عليهماالسلام من جنس آخر أشرف مما ذكر تنزيلا للتغاير فى الوصف منزلة التغاير فى الجنس وللتنبيه على أن عداوة أحدهما عداوة للآخر حسبما لمادة اعتقادهم الباطل فى حقهما حيث زعموا أنهما متعاديان وللإشارة إلى أن معاداة الواحد والكل سواء فى الكفر واستتباع العداوة من جهة الله سبحانه وأن من عادى أحدهم فكأنما عادى الجميع وقوله تعالى (فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ) أى لهم جواب الشرط والمعنى من عاداهم عاداه الله وعاقبه أشد العقاب وإيثار الاسمية للدلالة على التحقق والثبات ووضع الكافرين موضع المضمر للإيذان بأن عداوة المذكورين كفر وأن ذلك بين لا يحتاج إلى الإخبار به وأن مدار عداوته تعالى لهم وسخطه المستوجب لأشد العقوبة والعذاب هو كفرهم المذكور وقرىء ميكائل كميكاعل وميكائيل كميكاعيل وميكئل كميكعل وميكئيل كميكعيل (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ) واضحات الدلالة على معانيها وعلى كونها من عند الله عزوجل (وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ) أى المتمردون فى الكفر الخارجون عن حدوده فإن من