(الم)(١)
____________________________________
وعند الشافعى رحمهالله يجهر بها لما روى وائل بن حجر أن النبى صلىاللهعليهوسلم كان إذا قرأ (وَلَا الضَّالِّينَ) قال آمين ورفع بها صوته عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال لأبى بن كعب ألا أخبرك بسورة لم ينزل فى التوراة والإنجيل والقرآن مثلها قلت بلى يا رسول الله قال فاتحة الكتاب إنها السبع المثانى والقرآن العظيم الذي أوتيته. وعن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه أن النبى صلىاللهعليهوسلم قال إن القوم ليبعث الله عليهم العذاب حتما مقضيا فيقرأ صبى من صبيانهم فى الكتاب (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فيسمعه الله تعالى فيرفع عنهم بذلك العذاب أربعين سنة.
(سورة البقرة مدنية وهى مائتان وسبع وثمانون آية)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (الم) الألفاظ التى يعبر بها عن حروف المعجم التى من جملتها المقطعات المرقومة فى فواتح السور الكريمة أسماء لها لاندراجها تحت حد الاسم ويشهد به ما يعتريها من التعريف والتنكير والجمع والتصغير وغير ذلك من خصائص الاسم وقد نص على ذلك أساطين أئمة العربية وما وقع فى عبارات المتقدمين من التصريح بحرفيتها محمول على المسامحة وأما ما روى عن ابن مسعود رضى الله عنه من أنه صلىاللهعليهوسلم قال من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول (الم) حرف بل ألف حرف ولام حرف وميم حرف وفى رواية التزمذى والدارمى لا أقول (الم) حرف و (ذلِكَ الْكِتابُ) حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف والذال حرف والكاف حرف فلا تعلق له بما نحن فيه قطعا فإن إطلاق الحرف على ما يقابل الاسم والفعل عرف جديد اخترعه أئمة الصناعة وإنما الحرف عند الأوائل ما يتركب منه الكلم من الحروف المبسوطة وربما يطلق على الكلمة أيضا تجوزا فأريد بالحديث الشريف دفع توهم التجوز وزيادة تعيين إرادة المعنى الحقيقى ليتبين بذلك أن الحسنة الموعودة ليست بعدد الكلمات القرآنية بل بعدد حروفها المكتوبة فى المصاحف كما يلوح به ذكر كتاب الله دون كلام الله أو القرآن وليس هذا من تسمية الشىء باسم مدلوله فى شىء كما قبل كيف لا والمحكوم عليه بالحرفية واستتباع الحسنة إنما هى المسميات البسيطة الواقعة فى كتاب الله عزوجل سواء عبر عنها بأسمائها أو بأنفسها كما فى قولك السين مهملة والشين معجمة مثلثة وغير ذلك مما لا يصدق المحمول إلا على ذات الموضوع لا أسماؤها المؤلفة كما إذا قلت الألف مؤلف من ثلاثة أحرف فكما أن الحسنات فى قراءة قوله تعالى (ذلِكَ الْكِتابُ) بمقابلة حروفه البسيطة وموافقة لعددها كذلك فى قراءة قوله تعالى (الم) بمقابلة حروفه الثلاثة المكتوبة وموافقة لعددها لا بمقابلة أسمائها الملفوظة وإلالفات الموافقة فى العدد إذ الحكم بأن كلا منها حرف واحد مستلزم للحكم بأنه مستتبع لحسنة واحدة فالعبرة فى ذلك بالمعبر عنه دون المعبر به ولعل السر فيه أن استتباع الحسنة منوط بإفادة المعنى المراد بالكلمات القرآنية فكما أن سائر الكلمات الشريفة لا تفيد معانيها إلا بتلفظ حروفها بأنفسها كذلك الفواتح المكتوبة لا تفيد المعانى المقصودة بها إلا بالتعبير عنها بأسمائها فجعل ذلك تلفظا بالمسميات كالقسم