(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (١٩١) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٢) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٣) الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)(١٩٤)
____________________________________
القتال أو بقتال المعاهد والمفاجأة به من غير دعوة أو بالمثلة وقتل من نهيتم عن قتله من النساء والصبيان ومن يجرى مجراهم (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) أى لا يريد بهم الخير وهو تعليل للنهى (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) أى حيث وجدتموهم من حل أو حرم وأصل الثقف الحذق فى إدراك الشىء علما أو عملا وفيه معنى الغلبة ولذلك استعمل فيها قال[فإما تثقفونى فاقتلونى فمن أثقف فليس إلى خلود] (وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ) أى من مكة وقد فعل بهم ذلك يوم الفتح بمن لم يسلم من كفارها (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) أى المحنة التى يفتتن بها الإنسان كالإخراج من الوطن أصعب من القتل لدوام تعبها وبقاء تألم النفس بها وقيل شركهم فى الحرم وصدهم لكم عنه أشد من قتلكم إياهم فيه (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أى لا تفاتحوهم بالقتل هناك ولا تهتكوا حرمة المسجد الحرام (حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ) ثمة (فَاقْتُلُوهُمْ) فيه ولا تبالوا بقتالهم ثمة لأنهم الذين هتكوا حرمته فاستحقوا أشد العذاب وفى العدول عن صيغة المفاعلة التى بها ورد النهى والشرط عدة بالنصر والغلبة وقرىء ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم فإن قتلوكم فاقتلوهم والمعنى حتى يقتلوا بعضكم كقولهم قتلتنا بنو أسد (كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) يفعل بهم مثل ما فعلوا بغيرهم (فَإِنِ انْتَهَوْا) عن القتال والكفر بعد ما رأوا قتالكم (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يغفر لهم ما قد سلف (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) أى شرك (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) خالصا ليس للشيطان فيه نصيب (فَإِنِ انْتَهَوْا) بعد مقاتلتكم عن الشرك (فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) أى فلا تعتدوا عليهم إذ لا يحسن الظلم إلا لمن ظلم فوضع العلة موضع الحكم وتسمية الجزاء بالعدوان للمشاكلة كما فى قوله عزوجل (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) أو أنكم إن تعرضتم للمنتهين صرتم ظالمين وتنعكس الحال عليكم والفاء الأولى للتعقيب والثانية للجزاء (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ) قاتلهم المشركون عام الحديبية فى ذى القعدة فقيل لهم عند خروجهم لعمرة القضاء فى ذى القعدة أيضا وكراهتهم القتال فيه هذا الشهر الحرام بذلك الشهر الحرام وهتكه بهتكه فلا تبالوا به (وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ) أى كل حرمة وهى ما يجب المحافظة عليه يجرى فيها القصاص فلما هتكوا حرمة شهركم بالصد فافعلوا بهم مثله وادخلوا عليهم عنوة فاقتلوهم إن قاتلوكم كما قال تعالى (فَمَنِ اعْتَدى