(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢١٦) يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٢١٧)
____________________________________
ما ذا يُنْفِقُونَ) أى من أصناف أموالهم (قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ) ما إما شرطية وإما موصولة حذف العائد إليها أى ما أنفقتموه من خير أى خير كان ففيه تجويز الإنفاق من جميع أنواع الأموال وبيان لما فى السؤال إلا أنه جعل من جملة ما فى حيز الشرط أو الصلة وأبرز فى معرض بيان المصرف حيث قيل (فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) للإيذان بأن الأهم بيان المصارف المعدودة لأن الاعتداد بالإنفاق بحسب وقوعه فى موقعه وعن ابن عباس رضى الله عنهما أنه جاء عمر وبن الجموح وهو شيخ هرم له مال عظيم فقال يا رسول الله ما ذا ننفق من أموالنا وأين نضعها فنزلت (وَالْيَتامى) أى المحتاجين منهم (وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) ولم يتعرض للسائلين والرقاب إما اكتفاء بما ذكر فى المواقع الأخر وإما بناء على دخولهم تحت عموم قوله تعالى (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) فإنه شامل لكل خير واقع فى أى مصرف كان (فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) فيوفى ثوابه وليس فى الآية ما ينافيه فرض الزكاة لينسخ به كما نقل عن السدى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ) ببناء الفعل للمفعول ورفع القتال أى قتال الكفرة وقرىء ببنائه للفاعل وهو الله عزوجل ونصب القتال وقرىء كتب عليكم القتل أى قتل الكفرة والواو فى قوله تعالى (وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) حالية أى والحال أنه مكروه لكم طبعا على أن الكره مصدر وصف به المفعول مبالغة أو بمعنى المفعول كالخبز بمعنى المخبوز. وقرىء بالفتح على أنه بمعنى المضموم كالضعف والضعف أو على أنه بمعنى الإكراه مجازا كأنهم أكرهوا عليه لشدة كراهتهم له ومشقته عليهم (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) وهو جميع ما كلفوه من الأمور الشاقة التى من جملتها القتال فإن النفوس تكرمه وتنفر عنه والجملة اعتراضية دالة على أن فى القتال خيرا لهم (وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) وهو جميع ما نهوا عنه من الأمور المستلذة وهو معطوف على ما قبله لا محل لهما من الإعراب (وَاللهُ يَعْلَمُ) ما هو خير لكم فلذلك يأمركم به (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أى لا تعلمونه ولذلك تكرهونه أو والله يعلم ما هو خير وشر لكم وأنتم لا تعلمونهما فلا تتبعوا فى ذلك رأيكم وامتثلوا بأمره تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ) روى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث عبد الله بن جحش على سرية فى جمادى الآخرة قبل قتال بدر بشهرين ليترصدوا عيرا لقريش فيهم عمرو بن عبد الله الحضرمى وثلاثة معه فقتلوه وأسروا اثنين واستاقوا العير بما فيها من تجارة الطائف وكان ذلك أول يوم من رجب وهم يظنونه من جمادى