(حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ)(٢٣٨)
____________________________________
مشاكلة أو تغليبا لحال السوق على حال عدمه فمرجع الاستثناء حينئذ إلى منع الزيادة فى المستثنى منه كما أنه فى الصورة الأولى إلى منع النقصان فيه أى فلهن هذا القدر بلا زيادة ولا نقصان فى جميع الأحوال إلا فى حال عفوهن فإنه حييئذ لا يكون لهن القدر المذكور بل ينتفى ذلك أو ينحط أو فى حال عفو الزوج فإنه حينئذ يكون لهن الزيادة على ذلك القدر هذا على التفسير الأول وأما على التفسير الثانى فلا بد من المصير إلى جعل الاستثناء منقطعا لأن فى صورة عفو الزوج لا يتصور الوجوب عليه هذا عندنا وفى القول القديم للشافعى رحمهالله أن المراد عفو الولى الذى بيده عقدة نكاح الصغيرة وهو ظاهر المأخذ خلا أن الأول أنسب بقوله تعالى (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) إلى آخره فإن إسقاط حق الصغيرة ليس فى شىء من التقوى وعن جبير بن مطعم أنه تزوج امرأة وطلقها قبل الدخول وأكمل لها الصداق وقال أنا أحق بالعفو وقرىء بالياء (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) أى لا تتركوا أن يتفضل بعضكم على بعض كالشىء المنسى وقرىء بكسر الواو والخطاب فى الفعلين للرجال والنساء جميعا بطريق التغليب (إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فلا يكاد يضيع ما عملتم من التفضل والإحسان (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ) أى داوموا على أدائها لأوقاتها من غير إخلال بشىء منها كما تنبئ عنه صيغة المفاعلة المفيدة للمبالغة ولعل الأمر بها فى تضاعيف بيان أحكام الأزواج والأولاد قبل الإتمام للإيذان بأنها حقيقة بكمال الاعتناء بشأنها والمثابرة عليها من غير اشتغال عنها بشأنهم بل بشأن أنفسهم أيضا كما يفصح عنه الأمر بها فى حالة الخوف ولذلك أمر بها فى خلال بيان ما يتعلق بهم من الأحكام الشرعية المتشابكة الآخذ بعضها بحجزة بعض (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) أى المتوسطة بينها أو الفضلى منها وهى صلاة العصر لقوله صلىاللهعليهوسلم يوم الأحزاب شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله تعالى بيوتهم نارا وقال صلىاللهعليهوسلم إنها الصلاة التى شغل عنها سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام وفضلها لكثرة اشتغال الناس فى وقتها بتجاراتهم ومكاسبهم واجتماع ملائكة الليل وملائكة النهار حينئذ وقيل هى صلاة الظهر لأنها فى وسط النهار وكانت أشق الصلوات عليهم لما أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يصليها بالهاجرة فكانت أفضلها لقوله صلىاللهعليهوسلم أفضل العبادات أحمزها وقيل هى صلاة الفجر لأنها بين صلاتى الليل والنهار والواقعة فى الحد المشترك بينهما ولأنها مشهودة كصلاة العصر وقيل هى صلاة المغرب لأنها متوسطة من حيث العدد ومن حيث الوقوع بين صلاتى النهار والليل ووتر النهار ولا تنقص فى السفر وقيل هى صلاة العشاء لأنها بين الجهريتين الواقعتين فى طرفى الليل وعن عائشة وابن عباس رضى الله عنهم أنه صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ والصلاة الوسطى وصلاة العصر فتكون حينئذ إحدى الأربع قد خصت بالذكر مع العصر لانفرادها بالفضل وقرىء وعلى الصلاة الوسطى وقرىء بالنصب على المدح وقرىء الوسطى (وَقُومُوا لِلَّهِ) أى فى الصلاة (قانِتِينَ) ذاكرين له تعالى فى القيام لأن القنوت هو الذكر فيه وقيل هو إكمال الطاعة وإتمامها بغير إخلال بشىء من أركانها وقيل خاشعين وقال ابن المسيب المراد به القنوت فى الصبح.