(وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٢٣٧)
____________________________________
ما قبلها من الفعل المجزوم على معنى ما لم يكن منكم مسيس ولا فرض مهر (وَمَتِّعُوهُنَّ) عطف على مقدر ينسحب عليه الكلام أى فطلقوهن ومتعوهن والحكمة فى إيجاب المتعة جبر إيحاش الطلاق وهى درع وملحفة وخمار على حسب الحال كما يفصح عنه قوله تعالى (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ) أى ما يليق بحال كل منهما وقرىء بسكون الدال وهى جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب مبينة لمقدار المتعة بالنظر إلى حال المطلق إيسارا وإقتارا أو حال من فاعل متعوهن بحذف الرابط أى على الموسع منكم الخ أو على جعل الألف واللام عوضا من المضاف إليه عند من يجوزه أى على موسعكم الخ وهذا إذا لم يكن مهر مثلها أقل من ذلك فإن كان أقل فلها الأقل من نصف مهر المثل ومن المتعة ولا ينقص عن خمسة دراهم (مَتاعاً) أى تمتيعا (بِالْمَعْرُوفِ) أى بالوجه الذى تستحسنه الشريعة والمروءة (حَقًّا) صفة لمتاعا أو مصدر مؤكد أى حق ذلك حقا (عَلَى الْمُحْسِنِينَ) أى الذين يحسنون إلى أنفسهم بالمسارعة إلى الامتثال أو إلى المطلقات بالتمتيع بالمعروف وإنما سموا محسنين اعتبارا للمشارفة وترغيبا وتحريضا (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ) قبل ذلك (فَرِيضَةً) أى وإن طلقتموهن من قبل المسيس حال كونكم مسمين لهن فيما سبق أى عند النكاح مهر اعلى أن الجملة حال من فاعل طلقتموهن ويجوز أن تكون حالا من مفعوله لتحقق الرابط بالنسبة إليهما ونفس الفرض من المبنى للفاعل أو للمفعول وإن لم يقارن حالة التطليق لكن اتصاف المطلق بالفارضية فيما سبق مما لا ريب فى مقارنته لها وكذا الحال فى اتصاف المطلقة بكونها مفروضا لها فيما سبق (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) أى فلهن نصف ما سميتم لهن من المهر أو فالواجب عليكم ذلك وهذا صريح فى أن المنفى فى الصورة السابقة إنما هو تبعة المهر وقرىء بالنصب أى فأدوا نصف ما فرضتم ولعل تأخير حكم النسمية مع أنها الأصل فى العقد والأكثر فى الوقوع لما أن الآية الكريمة نزلت فى أنصارى تزوج امرأة من بنى حنيفة وكانت مفوضة فطلقها قبل الدخول بها فتخاصما إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له صلىاللهعليهوسلم عند إظهار أن لا شىء له متعها بقلنسوتك (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) استثناء مفرغ من أعم الأحوال أى فلهن نصف المفروض معينا فى كل حال إلا حال عفوهن فإنه يسقط ذلك حينئذ بعد وجوبه وظاهر الصيغة فى نفسها يحتمل التذكير والتأنيث وإنما الفرق فى الاعتبار والتحقيق فإن الواو فى الأولى ضمير والنون علامة الرفع وفى الثانية لام الفعل والنون ضمير والفعل مبنى ولذلك لم يؤثر فيه أن تأثيره فيما عطف على محله من قوله تعالى (أَوْ يَعْفُوَا) بالنصب وقرىء بسكون الواو (الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) أى يترك الزوج المالك لعقده وحله ما يعود إليه من نصف المهر الذى ساقه إليها كاملا على ما هو المعتاد تكرما فإن ترك حقه عليها عفو بلا شبهة أو سمى ذلك عفوا فى صورة عدم السوق