(لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) (٢٣٦)
____________________________________
المواعدة بما يستهجن وفيه ما فيه (إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً) استثناء مفرغ مما يدل عليه النهى أى لا تواعدهن مواعدة ما إلا مواعدة معروفة غير منكرة شرعا وهى ما يكون بطريق التعريض والتلويح أو إلا مواعدة بقول معروف أو لا توعدوهن بشىء من الأشياء إلا بأن تقولوا قولا معروفا وقيل هو استثناء منقطع من سرا وهو ضعيف لأدائه إلى جعل التعريض موعودا وليس كذلك (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ) من عزم الأمر إذا قصده قصدا جازما وحقيقته القطع بدليل قوله صلىاللهعليهوسلم لا صيام لمن لم يعزم الصيام من الليل وروى لمن لم يبيت الصيام والنهى عنه للمبالغة فى النهى عن مباشرة عقد النكاح أى لا تعزموا عقد عقدة النكاح (حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) أى العدة المكتوبة المفروضة آخرها وقيل معناه لا تقطعوا عقدة النكاح أى لا تبرموها ولا تلزموها ولا تقدموا عليها فيكون نهيا عن نفس الفعل لا عن قصده (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ) من ذوات الصدور التى من جملتها العزم على ما نهيتم عنه (فَاحْذَرُوهُ) بالاجتناب عن العزم ابتداء أو إقلاعا عنه بعد تحققه (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ) يغفر لمن يقلع عن عزمه خشية منه تعالى (حَلِيمٌ) لا يعاجلكم بالعقوبة فلا تستدلوا بتأخيرها على أن ما نهيتم عنه من العزم ليس مما يستتبع المؤاخذة وإظهار الاسم الجليل فى موضع الإضمار لإدخال الروعة (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ) أى لا تبعة من مهر وهو الأظهر وقيل من وزر إذ لا بدعة فى الطلاق قبل المسيس وقيل كان النبى صلىاللهعليهوسلم يكثر النهى عن الطلاق فظن أن فيه جناحا فنفى ذلك (إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ) أى ما لم تجامعوهن وقرىء تماسوهن بضم التاء فى جميع المواقع أى مدة عدم مساسكم إياهن على أن ما مصدرية ظرفية بتقدير المضاف ونقل أبو البقاء أنها شرطية بمعنى أن فيكون من باب اعتراض الشرط على الشرط فيكون الثانى قيدا للأول كما فى قولك إن تأتنى إن تحسن إلى أكرمك أى إن تأتنى محسنا إلى والمعنى إن طلقتموهن غير ما سين لهن وهذا المعنى أقعد من الأول لما أن ما الظرفية إنما يحسن موقعها فيما إذا كان المظروف أمرا ممتدا منطبقا على ما أضيف إليها من المدة أو الزمان كما فى قوله تعالى (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) وقوله تعالى (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ) ولا يخفى أن التطليق ليس كذلك وتعليق الظرف بنفى الجناح ربما يوهم إمكان المسيس بعد الطلاق فالوجه أن يقدر الحال مكان الزمان والمدة (أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) أى إلا أن تفرضوا لهن أو حتى تفرضوا لهن عند العقد مهرا على أن فريضة فعيلة بمعنى مفعول والتاء لنقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية وانتصابه على المفعولية ويجوز أن يكون مصدرا صيغة وإعرابا والمعنى أنه لا تبعة على المطلق بمطالبة المهر أصلا إذا كان الطلاق قبل المسيس على كل حال إلا فى حال تسمية المهر فإن عليه حينئذ نصف المسمى وفى حال عدم تسميته عليه المتعة لا نصف مهر المثل وأما إذا كان بعد المساس فعليه فى صورة التسمية تمام المسمى وفى صورة عدمها تمام مهر المثل وقيل كلمة أو عاطفة لمدخولها على