(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٢٦٠)
____________________________________
ثم الجلد ثم خرجت منه الشعور ثم نفخ فيه الروح فإذا هو قائم ينهق (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ) أى ما دل عليه الأمر بالنظر إليه من كيفية الإحياء بمباديه والفاء للعطف على مقدر يستدعيه الأمر المذكور وإنما حذف للإيذان بظهور تحققه واستغنائه عن الذكر وللإشعار بسرعة وقوعه كما فى قوله عزوجل (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ) بعد قوله (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) كأنه قيل فأنشزها الله تعالى وكساها لحما فنظر إليها فتبين له كيفيته فلما تبين له ذلك أى اتضح اتضاحا تاما (قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من الأشياء التى من جملتها ما شاهده فى نفسه وفى غيره من تعاجيب الآثار (قَدِيرٌ) لا يستعصى عليه أمر من الأمور وإيثار صيغة المضارع للدلالة على أن علمه بذلك مستمر نظرا إلى أن أصله لم يتغير ولم يتبدل بل إنما تبدل بالعيان وصفه وفيه إشعار بأنه إنما قال ما قال بناء على الاستبعاد العادى واستعظاما للأمر وقد قيل فاعل تبين مضمر يفسره مفعول أعلم أى فلما تبين له أن الله على كل شىء قدير قال أعلم أن الله على كل شىء قدير فتدبر وقرىء تبين له على صيغة المجهول وقرىء قال اعلم على صيغة الأمر. روى أنه ركب حماره وأتى محلته وأنكره الناس وأنكر الناس وأنكر المنازل فانطلق على وهم منه حتى أتى منزله فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أدركت زمن عزير فقال لها عزير يا هذه هذا منزل عزير قالت نعم وأين ذكرى عزير قد فقدناه منذ كذا وكذا فبكت بكاء شديدا قال فإنى عزير قالت سبحان الله أنى يكون ذلك قال قد أماتنى الله مائة عام ثم بعثنى قالت إن عزير أكان رجلا مستجاب الدعوة فادع الله لى يرد على بصرى حتى أراك فدعا ربه ومسح بيده عينيها فصحتا فأخذ بيدها فقال لها قومى بإذن الله فقامت صحيحة كأنها نشطت من عقال فنظرت إليه فقالت أشهد أنك عزير فانطلقت إلى محلة بنى إسرائيل وهم فى أنديتهم وكان فى المجلس ابن لعزيز قد بلغ مائة وثمانى عشرة سنة وبنو بنيه شيوخ فنادت هذا عزير قد جاءكم فكذبوها فقالت انظروا فإنى بدعائه رجعت إلى هذه الحالة فهض الناس فأقبلوا إليه فقال ابنه كان لأبى شامة سوداء بين كتفيه مثل الهلال فكشف فإذا هو كذلك وقد كان قتل بخت نصر ببيت المقدس من قراء التوراة أربعين ألف رجل ولم يكن يومئذ بينهم نسخة من التوراة ولا أحد يعرف التوراة فقرأها عليهم عن ظهر قلبه من غير أن يخرم منها حرفا فقال رجل من أولاد المسبيين ممن ورد بيت المقدس بعد مهلك بخت نصر حدثنى أبى عن جدى أنه دفن التوراة يوم سبينا فى خابية فى كرم فإن أريتمونى كرم جدى أخرجتها لكم فذهبوا إلى كرم جده ففتشوا فوجدوها فعارضوها بما أملى عليهم عزير من ظهر القلب فما اختلفا فى حرف واحد فعند ذلك قالوا هو ابن الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) دليل آخر على ولايته تعالى للمؤمنين وإخراجه لهم من الظلمات إلى النور وإنما لم يسلك به مسلك