الاستشهاد كما قبله بأن يقال أو كالذى قال رب الخ لجريان ذكره عليهالسلام فى أثناء المحاجة ولأنه لا دخل لنفسه عليهالسلام فى أصل الدليل كدأب عزير عليهالسلام فإن ما جرى عليه من إحيائه بعد مائة عام من جملة الشواهد على قدرته تعالى وهدايته والظرف منتصب بمضمر صرح بمثله فى نحو قوله تعالى (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ) أى واذكر وقت قوله عليهالسلام وما وقع حينئذ من تعاجيب صنع الله تعالى لتقف على ما مر من ولايته تعالى وهدايته وتوجيه الأمر بالذكر فى أمثال هذه المواقع إلى الوقت دون ما وقع فيه من الواقعات مع أنها المقصودة بالتذكير لما ذكر غير مرة من المبالغة فى إيجاب ذكرها لما أن إيجاب ذكر الوقت إيجاب لذكر ما وقع فيه بالطريق البرهانى ولأن الوقت مشتمل عليها مفصلة فإذا استحضر كانت حاضرة بتفاصيلها بحيث لا يشذ عنها شىء مما ذكر عند الحكاية أو لم يذكر كأنها مشاهدة عيانا (رَبِّ) كلمة استعطاف قدمت بين يدى الدعاء مبالغة فى استدعاء الإجابة (أَرِنِي) من الرؤية البصرية المتعدية إلى واحد وبدخول همزة النقل طلبت مفعولا آخر هو الجملة الاستفهامية المعلقة لها فإنها تعلق كما يعلق النظر البصرى أى اجعلنى مبصرا (كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) بأن تحييها وأنا أنظر إليها وكيف فى محل نصب على التشبيه بالظرف عند سيبويه وبالحال عند الأخفش والعامل فيها تحيى أى فى أى حال أو على أى حال تحيى قال القرطبى الاستفهام بكيف إنما هو سؤال عن حال شىء متقرر الوجود عند السائل والمسئول فالاستفهام ههنا عن هيئة الإحياء المتقرر عند السائل أى بصرنى كيفية إحيائك للموتى وإنما سأله عليهالسلام ليتأيد إيقانه بالعيان ويزداد قلبه اطمئنانا على اطمئنان وأما ما قيل من أن نمرود لما قال أنا أحيى وأميت قال إبراهيم عليهالسلام إن إحياء الله تعالى برد الأرواح إلى الأجساد فقال نمرود هل عاينته فلم يقدر على أن يقول نعم فانتقل إلى تقرير آخر ثم سأل ربه أن يريه ذلك فيأباه تعليل السؤال بالاطمئنان (قالَ) استئناف كما مر غير مرة (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) عطف على مقدر أى ألم تعلم ولم تؤمن بأنى قادر على الإحياء كيف أشاء حتى تسألنى إراءته قاله عز وعلا وهو أعلم بأنه عليهالسلام أثبت الناس إيمانا وأقواهم يقينا ليجيب بما أجاب به فيكون ذلك لطفا للسامعين (قالَ بَلى) علمت وآمنت بأنك قادر على الإحياء على أى كيفية شئت (وَلكِنْ) سألت ما سألت (لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) بمضامة العيان إلى الإيمان والإيقان وأزداد بصيرة بمشاهدته على كيفية معينة (قالَ فَخُذْ) الفاء لجواب شرط محذوف أى إن أردت ذلك فخذ (أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ) قيل هو اسم لجمع طائر كركب وسفر وقيل جمع له كتاجر وتجر وقيل هو مصدر سمى به الجنس وقيل هو تخفيف طير بمعنى طائر كهين فى هين ومن متعلقة بخذ أو بمحذوف وقع صفة لأربعة أى أربعة كائنة من الطير قيل هى طاوس وديك وغراب وحمامة وقيل نسر بدل الأخير وتخصيص الطير بذلك لأنه أقرب إلى الإنسان وأجمع لخواص الحيوان ولسهولة تأتى ما يفعل به من التجزئة والتفريق وغير ذلك (فَصُرْهُنَّ) من صاره يصوره أى أماله وقرىء بكسر الصاد من صاره يصيره أى أملهن واضممهن وقرىء فصرهن بضم الصاد وكسرها وتشديد الراء من صره يصره ويصره إذا جمعه وقرىء فصرهن من التصرية بمعنى الجمع أى اجمعهن (إِلَيْكَ) لتتأملها وتعرف شياتها مفصلة حتى تعلم بعد الإحياء أن جزءا من أجزائها لم ينتقل من موضعه الأول أصلا. روى أنه أمر بأن يذبحها وينتف ريشها ويقطعها ويفرق