(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(٢٦٢)
____________________________________
أجزاءها ويخلط ريشها ودماءها ولحومها ويمسك رءوسها ثم أمر بأن يجعل أجزاءها على الجبال وذلك قوله تعالى (ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً) أى جزئهن وفرق أجزاءهن على ما بحضرتك من الجبال قيل كانت أربعة أجبل وقيل سبعة فجعل على كل جبل ربعا أو سبعا من كل طائر وقرىء جزؤا بضمتين وجزا بالتشديد بطرح همزته تخفيفا ثم تشديده عند الوقف ثم إجراء الوصل مجرى الوقف (ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ) فى حيز الجزم على أنه جواب الأمر ولكنه بنى لا تصاله بنون جمع مؤنث (سَعْياً) أى ساعيات مسرعات أو ذوات سعى طيرانا أو مشيا وإنما اقتصر على حكاية أوامره عزوجل من غير تعرض لامتثاله عليهالسلام ولا لما ترتب عليه من عجائب آثار قدرته تعالى كما روى أنه عليهالسلام نادى فقال تعالين بإذن الله فجعل كل جزء منهن يطير إلى صاحبه حتى صارت جثثا ثم أقبلن إلى رءوسهن فانضمت كل جثة إلى رأسها فعادت كل واحدة منهن إلى ما كانت عليه من الهيئة للإيذان بأن ترتب تلك الأمور على الأوامر الجليلة واستحالة تخلفها عنها من الجلاء والظهور بحيث لا حاجة له إلى الذكر أصلا وناهيك بالقصة دليلا على فضل الخليل ويمن الضراعة فى الدعاء وحسن الأدب فى السؤال حيث أراه الله تعالى ما سأله فى الحال على أيسر ما يكون من الوجوه وأرى عزيرا ما أراه بعد ما اماته مائة عام (وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ) غالب على أمره لا يعجزه شىء عما يريده (حَكِيمٌ) ذو حكمة بالغة فى أفاعيله فليس بناء أفعاله على الأسباب العادية لعجزه عن إيجادها بطريق آخر خارق للعادات بل لكونه متضمنا للحكم والمصالح. (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) أى فى وجوه الخيرات من الواجب والنفل (كَمَثَلِ حَبَّةٍ) لابد من تقرير مضاف فى أحد الجانبين أى مثل نفقتهم كمثل حبة أو مثلهم كمثل باذر حبة (أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ) أى أخرجت ساقا تشعب منها سبع شعب لكل واحدة منها سنبلة (فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) كما يشاهد ذلك فى الذرة والدخن فى الأراضى المغلة بل أكثر من ذلك وإسناد الإنبات إلى الحبة مجازى كإسناده إلى الأرض والربيع وهذا التمثيل تصوير للأضعاف كأنها حاضرة بين يدى الناظر (وَاللهُ يُضاعِفُ) تلك المضاعفة أو فوقها إلى ما شاء الله تعالى (لِمَنْ يَشاءُ) أن يضاعف له بفضله على حسب حال المنفق من إخلاصه وتعبه ولذلك تفاوتت مراتب الأعمال فى مقادير الثواب (وَاللهُ واسِعٌ) لا يضيق عليه ما يتفضل به من الزيادة (عَلِيمٌ) بنية المنفق ومقدار إنفاقه وكيفية تحصيل ما أنفقه (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) جملة مبتدأة جىء بها لبيان كيفية الإنفاق الذى بين فضله بالتمثيل المذكور (ثُمَ