(لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢٧٤)
____________________________________
على أحسن الوجوه وأجملها فهو تأكيد وبيان للشرطية السابقة أو يوف إليكم ما يخلفه وهو من نتائج دعائه عليهالسلام بقوله اللهم اجعل للمنفق خلفا وللممسك تلفا وقيل حجت أسماء بنت أبى بكر فأتتها أمها تسألها وهى مشركة فأبت أن تعطيها وعن سعيد بن جبير أنهم كانوا يتقون أن يرضخوا لقراباتهم من المشركين وروى أن ناسا من المسلمين كانت لهم أصهار فى اليهود ورضاع كانوا ينفقون عليهم قبل الإسلام فلما أسلموا كرهوا أن ينفقوهم فنزلت وهذا فى غير الواجب وأما الواجب فلا يجوز صرفه إلى الكافر وإن كان ذميا (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) لا تنقصون شيئا مما وعدتم من الثواب المضاعف أو من الخلف (لِلْفُقَراءِ) متعلق بمحذوف ينساق إليه الكلام كما فى قوله عزوجل (فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ) أى اعمدوا للفقراء أو اجعلوا ما تنفقونه للفقراء أو صدقاتكم للفقراء (الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) بالغزو والجهاد (لا يَسْتَطِيعُونَ) لاشتغالهم به (ضَرْباً فِي الْأَرْضِ) أى ذهابا فيها للكسب والتجارة وقيل هم أهل الصفة كانوا رضى الله عنهم نحوا من أربعمائة من فقراء المهاجرين يسكنون صفة المسجد يستغرقون أوقاتهم بالتعلم والجهاد وكانوا يخرجون فى كل سرية بعثها رسول الله صلىاللهعليهوسلم (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ) بحالهم (أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) أى من أجل تعففهم عن المسألة (تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ) أى تعرف فقرهم واضطرارهم بما تعاين منهم من الضعف ورثاثة الحال والخطاب للرسول عليهالسلام أو لكل أحد ممن له حظ من الخطاب مبالغة فى بيان وضوح فقرهم (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) أى إلحاحا وهو أن يلازم السائل المسئول حتى يعطيه من قولهم لحفنى من فضل لحافه أى أعطانى من فضل ما عنده والمعنى لا يسألونهم شيئا وإن سألوا لحاجة اضطرتهم إليه لم يلحوا وقيل هو نفى لكلا الأمرين جميعا على طريقة قوله [على لا حب لا يهتدى لمناره] أى لا منار ولا اهتداء (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) فيجازيكم بذلك أحسن جزاء فهو ترغيب فى التصدق لا سيما على هؤلاء (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) أى يعمون الأوقات والأحوال بالخير والصدقة وقيل نزلت فى شأن الصديق رضى الله عنه حيث تصدق بأربعين ألف دينار عشرة آلاف منه بالليل وعشرة بالنهار وعشرة سرا وعشرة علانية وقيل فى على رضى الله عنه حين لم يكن عنده إلا أربعة دراهم فتصدق بكل واحد منها على وجه من الوجوه المذكورة ولعل تقديم الليل على النهار والسر على العلانية للإيذان بمزية الإخفاء على الإظهار وقيل فى رباط الخيل والإنفاق عليها (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) خبر للموصول والفاء للدلالة على سبية ما قبلها لما بعدها وقيل للعطف والخبر محذوف أى ومنهم الذين الخ ولذلك جوز