(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ)(٢٥)
____________________________________
جميع آياتها كذلك كما هو المشهور وأما أن الصفة أيضا يجب أن تكون معلومة الانتساب إلى الموصوف عند المخاطب فالخطب فيه هين لما أن المخاطب هناك المؤمنون وظاهر أنهم سمعوا ذلك من رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمراد بالحجارة الأصنام وبالناس أنفسهم حسبما ورد فى قوله تعالى (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) الآية (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) أى هيئت للذين كفروا بما نزلناه وجعلت عدة لعذابهم والمراد إما جنس الكفار والمخاطبون داخلون فيهم دخولا أوليا وإماهم خاصة ووضع الكافرين موضع ضميرهم لذمهم وتعليل الحكم بكفرهم وقرىء اعتدت من العتاد بمعنى العدة وفيه دلالة على أن النار مخلوقة موجودة الآن والجملة استئناف لا محل لها من الإعراب مقررة لمضمون ما قبلها ومؤكدة لإيجاب العمل به ومبينة لمن أريد بالناس دافعة لاحتمال العموم وقيل حال بإضمار قد من النار لا من ضميرها فى وقودها لما فى ذلك من الفصل بينهما بالخبر وقيل صلة بعد صلة أو عطف على الصلة بترك العاطف (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) أى بأنه منزل من عند الله عزوجل وهو معطوف على الجملة السابقة لكن لا على أن المقصود عطف نفس الأمر حتى يطلب له مشاكل يصح عطفه عليه بل على أنه عطف قصة المؤمنين بالقرآن ووصف ثوابهم على قصة الكافرين به وكيفية عقابهم جريا على السنة الإلهية من شفع الترغيب بالترهيب والوعد بالوعيد وكان تغيير السبك لتخييل كمال التباين بين حال الفريقين وقرىء وبشر على صيغة الفعل مبنيا للمفعول عطفا على أعدت فيكون استئنافا وتعليق التبشير بالموصول للإشعار بأنه معلل بما فى حين الصلة من الإيمان والعمل الصالح لكن لا لذاتهما فإنهما لا يكافئان النعم السابقة فضلا من أن يقتضيا ثوابا فيما يستقبل بل بجعل الشارع ومقتضى وعده وجعل صلته فعلا مفيدا للحدوث بعد إيراد الكفار بصيغة الفاعل لحث المخاطبين بالاتقاء على إحداث الإيمان وتحذيرهم من الاستمرار على الكفر والخطاب للنبى صلىاللهعليهوسلم وقيل لكل من يتأتى منه التبشير كما فى قوله عليهالسلام بشر المشائين إلى المساجد فى ظلم الليالى بالنور التام يوم القيامة فإنه عليهالسلام لم يأمر بذلك واحدا بعينه بل كل أحد ممن يتأتى منه ذلك وفيه رمز إلى أن الأمر لعظمه وفخامة شأنه حقيق بأن يتولى التبشير به كل من يقدر عليه والبشارة الخبر السار الذى يظهر به أثر السرور فى البشرة وتباشير الصبح أوائل ضوئه (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الصالحة كالحسنة فى الجريان مجرى الاسم وهى كل ما استقام من الأعمال بدليل العقل والنقل واللام للجنس والجمع لإفادة أن المراد بها جملة من الأعمال الصالحة التى أشير إلى أمهاتها فى مطلع السورة الكريمة وطائفة منها متفاوتة حسب تفاوت حال المكلفين فى مواجب التكليف وفى عطف العمل على الإيمان دلالة على تغايرهما وإشعار بأن مدار استحقاق البشارة مجموع الأمرين فإن الإيمان أساس والعمل الصالح كالبناء عليه ولاغناء بأساس لا بناء به (أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ) منصوب بنزع الخافض وإفضاء الفعل إليه أو مجرور بإضماره مثل الله لأفعلن والجنة هى المرة من مصدر