تقدير نصبها على الوجوه المذكورة وما موصولة أو موصوفة صلتها أو صفتها الظرف وأما على تقدير رفعها فهو عطف على ما الأولى على تقدير كونها موصولة أو موصوفة وأما على تقدير كونها استفهامية فهو عطف على خبرها أعنى بعوضة لا على نفسها كما قيل والمعنى ما بعوضة فالذى فوقها أو فشىء فوقها حتى لا يضرب بها المثل وكذا على تقدير كونها صفة للنكرة أو زائدة وبعوضة خبر للمضمر وذكر البعوضة فما فوقها من بين أفراد المثل إنما هو بطريق التمثيل دون التعيين والتخصيص فلا يخل بالشيوع بل يقرره ويؤكده بطريق الأولوية والمراد بالفوقية إما الزيادة فى المعنى الذى أريد بالتمثيل أعنى الصغر والحقارة وإما الزيادة فى الحجم والجثة لكن لا بالغا ما بلغ بل فى الجملة كالذباب والعنكبوت وعلى التقدير الأول يجوز أن يكون ما الثانية خاصة استفهامية إنكارية والمعنى إن الله لا يستحيى أن يضرب مثلا ما بعوضة فأى شىء فوقها فى الصغر والحقارة فإذن له تعالى أن يمثل بكل ما يريد ونظيره فى احتمال الأمرين ما روى أن رجلا بمنى خر على طنب فسطاط فقالت عائشة رضى الله عنها حين ذكر لها ذلك سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة فإنه يحتمل ما يجاوز الشوكة فى القلة كنخبة النملة بقوله عليهالسلام ما أصاب المؤمن من مكروه فهو كفارة لخطاياه حتى نخبة النملة وما تجاوزها من الألم كأمثال ما حكى من الحرور (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) شروع فى تفصيل ما يترتب على ضرب المثل من الحكم إثر تحقيق حقية صدوره عنه تعالى والفاء للدلالة على ترتب ما بعدها على ما يدل عليه ما قبلها كأنه قيل فيضربه فأما الذين الخ وتقديم بيان حال المؤمنين على ما حكى من الكفرة مما لا يفتقر إلى بيان السبب وفى تصدير الجملتين بأما من إحماد أمر المؤمنين وذم الكفرة ما لا يخفى وهو حرف متضمن لمعنى اسم الشرط وفعله بمنزلة مهما يكن من شىء ولذلك يجاب بالفاء وفائدته توكيد ما صدر به وتفصيل ما فى نفس المتكلم من الأقسام فقد تذكر جميعا وقد يقتصر على واحد منها كما فى قوله عز من قائل (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) الخ قال سيبويه أما زيد فذاهب معناه مهما يكن من شىء فهو ذاهب لا محالة وأنه منه عزيمة وكان الأصل دخول الفاء على الجملة لأنها الجزاء لكن كرهوا إيلاءها حرف الشرط فأدخلوها الخبر وعوض المبتدأ عن الشرط لفظا والمراد بالموصول فريق المؤمنين المعهودين كما أن المراد بالموصول الآتى فريق الكفرة لا من يؤمن بضرب المثل ومن يكفر به لاختلال المعنى أى فأما المؤمنون. (فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) كسائر ما ورد منه تعالى والحق هو الثابت الذى يحق ثبوته لا محالة بحيث لا سبيل للعقل إلى إنكاره لا الثابت مطلقا واللام للدلالة على أنه مشهود له بالحقية وأن له حكما ومصالح ومن لابتداء الغاية المجازية وعاملها محذوف وقع حالا من الضمير المستكن فى الحق أو من الضمير العائد إلى المثل أو إلى ضربه أى كائنا وصادرا من ربهم والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميرهم لتشريفهم وللإيذان بأن ضرب المثل تربية لهم وإرشاد إلى ما يوصلهم إلى كمالهم اللائق بهم والجملة سادة مسد مفعولى يعلمون عند الجمهور ومسد مفعوله الأول والثانى محذوف عند الأخفش أى فيعلمون حقيته ثابتة ولعل الاكتفاء بحكاية علمهم المذكور عن حكاية اعترافهم بموجبه كما فى قوله تعالى (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) للإشعار بقوة ما بينهما من التلازم وظهوره المغنى عن الذكر. (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) ممن حكيت