مظهر للحياة ، فيمتلئ إحساسا بالله ، كلما تعاظم إحساسه بالحياة ، حيث يجد الله في ذلك كله ، لأنها وجدت به ومنه ، واستمرت من خلاله ، وتستمر بقدرته.
ولكن كيف كانت هذه النفس الواحدة؟ ربما يلوح من بعض المفسرين أن ذلك إشارة إلى الحقيقة الواحدة التي تتمثل في الذكر والأنثى ، لأن الله ـ حين خلقها ـ أبدعها على أساس الزوجية ، فليس هناك ـ حسبما تدل عليه الآية ـ حديث عن آدم في ما يمثله كشخص ووجود عينيّ. وقد لا يكون هذا بعيدا عن جو الآية ، ولكن قد يبتعد عن ظاهرها اللفظي ، فإنّ الظاهر أن الحديث لم يكن عن طبيعة الوجود الإنساني ، بل هو عن بدايته وطريقة استمراره ؛ فهناك مخلوق أول ، خلقه الله في البداية كجسد ، وأودع فيه روحا من روحه. وفي هذا الجو كانت الزوجية طبيعة ذاتية في هذا المخلوق ، ولا بد أن تكون الإشارة في هذا الى آدم وحواء ، على أساس أنهما خلق الله المباشر الذي كان القاعدة الأولى التي انطلق منها التكاثر ؛ وهو ما توحيه فقرة (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) ؛ فإنّ القضية لو كانت كما ذكره ذلك البعض ، لما كان هناك مكان لهذه الفقرة التي تتحدث عن عملية التكاثر من موقع الوحدة.
(وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) كيف نتصور عملية الخلق هذه؟
جاء في بعض الآثار المروية ، أن حواء خلقت من ضلع آدم ، ويدخل البعض في حساب أضلع المرأة وأضلع الرجل ، بعد أن أكد البعض الفكرة بهذه الآية ، على أساس أن المراد من كلمة (زوجها) حواء ؛ ويذهب آخرون إلى أن كلمة الزوج لا يراد منها ذلك ، لأنها تطلق على الذكر والأنثى ، فيقال : فلان زوج فلانة ، كما يقال : فلانة زوج فلان. وبهذا لا يكون المراد من النفس الواحدة آدم ومن زوجها حوّاء. ولكننا استظهرنا من الآية ذلك ،