ومساءلتهم إياه بالله ، في ما يطلبونه من حاجات وما يبتغونه من قضايا ، مما يعني مزيدا من الحضور الممتد في وعي الإنسان ، ومن الشعور العميق بمسؤوليته تجاهه ، حتى أن الناس يتوسلون إليه باسمه ، ويستنجحون طلباتهم من خلاله ، الأمر الذي يقتضي المراقبة والمحاسبة التي تقود إلى الانضباط في الانطلاق بالإرادة في خط رضاه. فإذا كانت المساءلة بالله مظهرا للتعظيم ، فإن طاعته وتقواه تعتبر مظهرا أقوى وأكثر تأكيدا.
أما كلمة : (وَالْأَرْحامَ) ، فقد وردت فيها القراءة بالكسر ، وذلك بأن تكون معطوفة على الضمير في كلمة «به» ، على أساس ما يتعارف بين الناس في قول بعضهم لبعض : «أنشدك بالله والرحم ...» ، بحيث تكون متعلقا للمساءلة والمناشدة ، كما كان الأمر كذلك بالنسبة الى الله. وذلك باعتبار أنهما أقرب شيء الى الإنسان ، فإن الله سبحانه هو الخالق ، والرحم هو القريب في النسب.
ولكن الطبري في تفسيره يقول : «وذلك غير فصيح من الكلام عند العرب ، لأنها لا تنسق بظاهر على مكني في الخفض إلا في ضرورة شعر ، وذلك لضيق الشعر ، وأما الكلام فلا شيء يضطرّ المتكلم إلى اختيار المكروه من المنطق والرديء في الإعراب منه. ومما جاء في الشعر من ردّ ظاهر على مكنيّ في حال الخفض قول الشاعر :
نعلّق في مثل السّواري سيوفنا |
|
وما بينها والكعب غوط نفانف |
فعطف «الكعب» ، وهو ظاهر ، على الهاء والألف في قوله (بينها) وهي مكنية»(١).
__________________
(١) الطبري ، محمد بن جرير ، جامع البيان ، دار الفكر ، بيروت ـ لبنان ، ط : ١٤١٥ ه ـ ١٩٩٥ م ، م : ٣ ، ج : ٤ ، ص : ٣٠٠.