وبين الخضوع لضغط الشهوات. وهذا هو المعنى الحقيقي للزهد ، في ما يمثله من مشاعر نفسية يملك فيها الإنسان التحرر من الارتباط بالمادة الذي يشبه حالة الاستعباد ؛ وتلك هي الروحانية الداخلية التي تجعلك تواجه الحياة من موقع القدرة على التحكم في حركتها من حولك. فليس الجوع في ذاته قيمة روحية ، وليس البعد عن الشهوات في ذاته معنى روحيا ، إلا في ما يمثله من حركة الإرادة الواعية في رفض المنكر أو التدرّب على مواجهته ، من أجل أن يقرّبك ذلك من الله ، من خلال ما يمثله من ممارستك لحريتك بين يديه.
وعلى هذا الأساس ، نجد أن تعدد الزوجات ليس ضد القيمة ، كما أن الوحدة فيها ليست هي القيمة ، بل هي حاجة طبيعية يمكن للإنسان أن يعيشها على أساس ظروفه الذاتية ، في ما يحيط به من الظروف الداخلية والخارجية ؛ فله أن يعدد من موقع الإرادة ، وله أن يوحّد من ذلك الموقع ، ليكون بذلك قريبا من الله في كلتا الحالتين ، لأنه يتحرك على هذى التشريع الذي يرى في الأخذ بالرخصة التزاما إسلاميا ، كما يرى في الالتزام بالإلزام التزاما بالخط الإلهي السليم.
* * *
ارتكاز العلاقات الإنسانية على قيمة العدل
(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) لا بد في كل علاقة إنسانية من الارتكاز على أساس العدل ، سواء في ذلك العلاقات الزوجية وغيرها ، لأن الله يريد للحياة أن تتحرك في خط العدل ؛ ولذلك كان التعدد مشروطا بالعدل في مواجهة الإنسان لمسؤولياته والتزاماته تجاه زوجاته ، فليس له إهمالهنّ في ما يجب لهن من حقوق عليه. وقد يكون من الأقرب للتقوى ، دراسة الإنسان إمكاناته قبل الدخول في هذه التجربة ؛ فإذا رأى في نفسه القدرة على الوفاء بالتزاماته