من ظروفه ، ويدفعه إلى مواجهة الواقع بإيجابيات الشريعة ، بعيدا عن سلبيات الانحراف.
وقد يكون من الضروري مواجهة التقييم الفكري والعملي للعلاقات من منطق الأحكام الشرعية ، فنحترم الممارسات التي تقوم على هذا الأساس ، وتنسجم مع أخلاقيات الشريعة ، مهما كانت بعيدة عن التقاليد الاجتماعية المستمدة من قواعد فكرية غير إسلامية ، كما نلاحظ في بعض ملامح الواقع الذي نعايشه في العصر الحاضر ، تأثّرا بالقيم المسيحية المثالية التي تؤكد على الرهبنة والبعد عن الغرائز كقيمة روحية أساسية ، فتعتبر الإنسان الذي يخنق غريزته إنسانا قدسيا ، بينما ترى في الإنسان الذي يستجيب لغرائزه بشكل طبيعي إنسانا لا يرقى إلى مستوى القيمة. وعلى هذا الأساس تعتبر موضوع التعدد في العلاقات الجنسية حالة شهوانية لا تليق بالإنسان المؤمن الذي يريد أن يعيش القيم الروحية في حياته ، من خلال ما تمثله قيم الزهد والترفّع عن الشهوات والتنكر للحياة المادية وما شابه ذلك من مفاهيم.
ولكن الإسلام لا يستجيب لهذا المنطق ، ولا يتبنّى هذه المفاهيم ، فقد اعتبر الغرائز التي أودعها الله في كيان الإنسان أمورا طبيعية لا بد للإنسان من ممارستها بطريقة متوازنة ؛ فلكل غريزة جوع وظمأ ، وللإنسان إشباع جوعه ، وإطفاء حرارة ظمئه ، تماما كما هي الحاجات الطبيعية الجسدية. فلا يكون العمل على أساس ذلك ضد القيمة ، ولا تكون الشهوانية المعتدلة شيئا سيئا في حياته ، ولا يعتبرها الإسلام شيئا منافيا للروحانية ، لأن روحانية الإسلام لا تتمثل في ابتعاد الإنسان عن حاجات الجسد ، بل في عدم الارتفاع بها إلى مستوى القيمة الأساسية في الحياة ، وفي الوقوف أمامها بإرادة حرة قادرة أن تقول لا ، وأن تقول نعم ، من دون الخضوع للضغوط الدافعة إلى الانحراف ؛ فلا تستعبدها الحاجات ، إذا وقفت الحياة لتخيّر الإنسان بين السير مع مبادئه