النظام الحاكم حركة الإنسان والحياة ، (وَالنُّجُومُ) التي تتلألأ في السماء ، فتبدو كما لو أنها مصابيح معلّقة في الفضاء ، ولكنها في الواقع أكوان فسيحة تختلف في طبيعتها وأشكالها وخصائصها ، ولكنها لا تختلف في خضوعها لله ، عبر ما أودعه فيها من قوانين ونظم كونية ، يتجلى فيه السجود الكونيّ له ، (وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ) الذي يهتز فيه الورق ويخضرّ ، وتنمو فيه الثمرة وتنضج ، وتعلو فيه الأغصان وتتمدّد ، وينطلق فيه جذعها ويرتفع في الفضاء ، في موسم معيّن ، للاخضرار ، وللنموّ ، وللقطاف ، ضمن تخطيط إلهيّ كامل لا يبتعد عنه ولو مقدار شعرة .. (وَالدَّوَابُ) التي يمشي بعضها على أربع ، ويزحف بعضها على بطنه ، ضمن إلهام إلهيّ حدّد لها حركة الحياة وأخضعها لخط سير محدد يمثل سجودا واقعيا بأكثر من طريقة وطريقة .. (وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) الذين آمنوا بالله فكرا وشعورا وحركة حياة ، فعفّروا جباههم ووجوههم بالتراب على صورة ما يعنيه السجود في حياة الإنسان.
* * *
حق العذاب على العاصين
(وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) ممن تمردوا على الله فلم يؤمنوا به ، ولم يطيعوه ، ولم يخضعوا له ، ولم يسجدوا بين يديه ، استكبارا وجهلا ، فأهانهم الله بالعذاب الذي يذيقهم إيّاه يوم القيامة جزاء على انحرافهم ، دون أية حجة لهم في ذلك كله ، (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) لأن إكرام الله هو الإكرام ، فهو الذي يملك الأمر كله ، والقيمة كلها ، فلا قيمة لإكرام غيره في الشكل والمضمون والامتداد ، لأن غيره لا يملك لنفسه أيّة قيمة أو كرامة إلا بالله. (إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) في ما يكرم به عباده المؤمنين به المطيعين له ، أو