للحكم وللسياسة وللحياة مختلفا يدور القتال حوله ، كما أن لكلّ منهم قيادات وأتباعا وأوضاعا .. وتبقى الحياة ، ويبقى هذان الخصمان على صراعهما ليحكما الحياة منذ البداية إلى النهاية ، ولكن ماذا بعد الحياة عند ما يقوم الناس لرب العالمين؟!
(فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) فهم يلبسون النار ثيابا تغطي أجسادهم وتسترها ، لكنها تلذعهم وتحرقهم ، (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ) أي : يذاب بالماء المغلي كل ما في بطونهم من الأمعاء (وَالْجُلُودُ) التي تذوب وتنضح (وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ* كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍ) يعيشونه ، فهم يكادون يتمزقون غيظا في هذا الجو الذي يعانون منه ، ومن هذا المصير الذي انتهوا إليه ، ويحاولون الخروج بالتوسل أو بمحاولة الهرب ، أو بأيّة طريقة أخرى ، ولكنهم ما إن ينجحوا في ذلك حتى يعادوا إليها (أُعِيدُوا فِيها) وقيل لهم : (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) لأن عذاب الآخرة جزاء خالد لا يسمح بأية فرصة للتفلّت منه ولا يصل إلى أيّة نهاية.
* * *
للمؤمنين الصالحين جنات تجري من تحتها الأنهار
أما من آمنوا بالله وأطاعوه ، فلهم موقع آخر وشأن آخر : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) في ما يمثله ذلك من مظهر الإكرام والأنعام والرضوان ، (وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) بما يعنيه ذلك من الرقة والنعومة والصفاء والإشراق .. (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) الذي التزموه في حياتهم ، هذا الذي تعبر عنه المعاني الطيبة ، والروح الطيبة ، والمنهج الطيب ، حيث يبتعدون