فتبهج القلوب والأبصار. وهكذا تخرج الحياة من قلب التراب الميّت.
(ذلِكَ) أي أطوار خلق الإنسان ، وخلق النبات ، وتدبير أمرهما في الحدوث والبقاء ، يوحي بالدليل القاطع (بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) الذي يعطي الحق معناه ، في ما يخلقه من موجودات وأوضاع وأنظمة للكون وللحياة التي لا يقترب إليها الخلل في تكوينها من قريب أو من بعيد ، وذلك من خلال هذا التدبير الدقيق الشامل في كل شيء ، (وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى) وهو ما نستوحيه من صيرورة التراب الميت إنسانا حيّاء ، ومن صيرورة الأرض الميتة بنزول الماء نباتا حيّا. (وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لأن ذلك كله جزء من نظام الوجود الذي يكشف عن شمول القدرة لكلّ شيء.
* * *
بين فكرة البعث وترسيخ الإيمان
(وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها) لا من حيث إمكانها في ذاتها ، لأن القدرة على ما يماثلها دليل على القدرة عليها ، ولا من حيث وقوعها ، لأن الله هو الحق الذي يؤكد الحق في الواقع ، كما يؤكده في وحيه الذي يبلّغه لرسله ، (وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) ليحاسبهم على أعمالهم ؛ إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشرّ ، فذلك ما يدفع فكرة عبثية وجود الإنسان ، ويعطي للحياة معنى الحق في ما يمثله من حركة المسؤولية التي تربط النهاية بالبداية ، وتثير المسألة على أساس العناصر الثابتة التي توحي بأنها هي سرّ الوجود في التكليف وفي الجزاء. وهذا ما ينبغي للإنسان أن يستحضره في وعيه لمسألة وجوده ، فلا يرى فيه مجرّد فرصة للهو والعبث ، بل يرى فيه تمثلا لحركة القيم الروحية