الآية تؤكد ، بأسلوب يشبه التحدي ، أن من لا يعجبه ذلك ، فلينتحر وليختنق بغيظه ، لأنه لن يحقق ما يحبه مهما فعل ، فإما أن يقبل بالواقع وينسجم معه ، وإمّا أن ينسحب من الحياة.
وقد فسره البعض بإرجاع الضمير إلى (مَنْ) ، وهو الشخص نفسه الذي يعيش عدم الثقة بالله وبتدبيره لخلقه ، ودفعه الشر عنه وجلبه الخير له ، والآية تدعو هذا الشخص إلى الصعود إلى السماء بأيّ سبب يملكه من وسائل الصعود ، «ثم ليقطع المسافة فلينظر هل ينفعه كيده في إزالة غيظه لما يدعى إليه من دين الله ، فإن الذي حكم الله به لا يبطل بكيد الكائد» (١). ومن هنا ، فهو لن يستطيع أن يحقق شيئا لنفسه في الدنيا والآخرة ، لأنه لا يملك من الأمر شيئا ، فهو إن لم يكن واثقا بأن الله هو القادر على رفع ما يمكن أن يحلّ به من بلاء الدنيا أو عذاب الآخرة ، فليحاول أن يتوسل الحلّ من قدرته الذاتية ، بعيدا عن الله ، وسيرى أنه لن يقدر على شيء من ذلك ، لأنه مهما حاول الارتفاع صعودا إلى السماء ، أو النزول هبوطا إلى الأرض ، فلن يملك لنفسه نفعا ولا ضرّا إلا بالله ، ولعل هذا الوجه أقرب إلى السياق العام للآيات من الوجه السابق ، لأن إرجاع الضمير في (يَنْصُرَهُ) إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا ينسجم مع عدم ذكره في الآية من قريب أو من بعيد ، والله العالم.
* * *
الله يهدي من يريد
(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ) توضح الفكرة ، وتدلّ على طريق الهدى ، بما تشتمل عليه من دلائل على الإيمان ، وبراهين على قضاياه ،
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٧ ، ص : ١٢١.