وتأكيدا على عقلانية طروحاته ، في مواجهة طروحات الكفر التي لا تثبت أمام النقد.
(وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ) الهداية ، ممن انفتح عقله وقلبه على الحق. النازل في كتاب الله ، وعاش مسئولية الهداية بمتابعته لكل مفرداتها التي يتحرك بها الفكر في موارد الحق ومصادره ، وفي ما يتنزّل به الوحي من آيات الله وشرائعه. وربما كان المعنى أن الله يهدي من يريد هدايته بما يهيئ له من أسباب الهداية في نفسه وفي حياته من خلال حركة الواقع من حوله على أساس قانون السببية ، لأن من لم تتعلق إرادته بهدايته ، فلا هادي له ، فلا تكفي الآيات البيّنات في هداية من سمعها أو تأمّل فيها ما لم يرد الله هدايته ـ كما يقول صاحب تفسير الميزان ـ (١).
ولكنّ إرادة الله اقتضت أن يكون سبيل الهداية خاضعا لإرادة الإنسان ، بانفتاح قلبه على الحق النازل من الله ، وبانفتاح عينيه وأذنيه على ما يوضح له أسباب العظمة الإلهية ، ووسائل الهداية الروحية والفكرية ، وبذلك فلا يكون هناك فرق بين التفسيرين في النتيجة .. ولا مانع من أن يكون الضمير راجعا إلى الله ، وهو أمر جرى عليه الأسلوب القرآني ، حيث يربط الأمور كلها بإرادة الله للإيحاء بأن كل شيء صادر منه ، لإخضاعه النظام الكوني لعلاقة حتمية بين المسببات وأسبابها.
* * *
__________________
(١) انظر : تفسير الميزان ، ج : ١٤ ، ص : ٣٥٤.