الباب العاشر
فيما سمع من معجزات أقواله
والمعجزات من القول هو الإخبار عن غائب لا يعلم به غير مخبره فيكون على صدقه دليلا لأن الخبر ما احتمل الصدق والكذب ، وحقيقة الخبر ما كان عن ماض فأما المستقبل فيطلق اسم الخبر عليه مجازا ، فإن أضيف المستقبل إلى فعل المخبر كان وعدا يصح من نبي وغير نبي وإن أضيف إلى فعل غيره كان من العيوب المعجزة لا يصح إلّا من نبي مبعوث وعن وحي منزل إذا تكرر عاريا عن الأسباب المنذرة ولئن ظهر خبر من غير نبي فهو بالاتفاق عن حدس إن صح في خبر لم يصح في كل خبر ويصح من النبي صلىاللهعليهوسلم في كل خبر لأنه من الله تعالى المحيط بعلم الغيوب كما قال لنبيه : (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) (١).
وفي خزائن الله هاهنا تأويلان :
أحدهما : خزائن الرزق فأغنى وأفقر.
والثاني : خزائن العذاب فاعجل وأخر ، وفي قوله ولا أعلم الغيب تأويلان :
أحدهما : علم الخزائن على ما مضى من التأويلين.
__________________
(١) سورة الأنعام الآية (٥٠).