الموضوع. وأما كون ذلك المعنى القائم بالقلب طلبا ، فانه أمر ذاتى حقيقى لا يحتاج فيه الى الوضع والاصطلاح.
الرابع : وهو أنهم قالوا : ان قولنا : ضرب يضرب : اخبار. وقولنا : اضرب لا تضرب: أمر ونهى. ولو أن الواضعين قلبوا الأمر ، وقالوا : ان قولنا ضرب يضرب : أمر ونهى. وقولنا اضرب لا تضرب : اخبار. لكان ذلك ممكنا جائزا. اما لو قالوا : حقيقة الطلب يمكن أن تتقلب خبرا ، وحقيقة الخبر يمكن أن تنقلب طلبا ، لكان ذلك محالا. فهذه الوجوه الظاهرة دالة على أن حقيقة الطلب وحقيقة الخبر : أمر مغاير لهذه الألفاظ وهذه العبارات ، بل هذه الألفاظ وهذه العبارات ، دالة عليها معرفة لها.
اذا عرفت هذا ، فلنبحث عن ماهية هذا الطلب ، وماهية الحكم الذهنى الّذي يسمى بالخبر. فنقول : (٢) هذا الطلب اما أن يكون هو الإرادة ، واما أن يكون معنى مغايرا للارادة. والأول باطل ، فتعين الثانى. وهو المطلوب.
وانما قلنا : انه لا يجوز أن يكون عبارة عن الإرادة لوجوه :
الحجة الأولى : انه لا نزاع فى أنه تعالى أمر بايمان من يعلم أنه لا يؤمن ، ويمتنع أن يقال : انه يريد الايمان منه ، لأنه تعالى عالم الغيب. فان (٣) خلاف المعلوم ممتنع الوقوع ، وكل ما كان ممتنع الوقوع ، لا يكون مراد الوقوع. فلما تحقق الأمر والطلب ، مع عدم الإرادة علمنا : أن ماهية هذا الطلب مغايرة لماهية الإرادة. وهذه النكتة هى النكتة القوية فى اثبات هذا المطلوب.
الحجة الثانية : انه قد يوجد الأمر بدون الإرادة ، وقد توجد الإرادة بدون الأمر. أما أنه قد يوجد الأمر بدون الإرادة ، ففى صور :
__________________
(٢) فيكون : ا
(٣) علم بأن : ا