فان قيل : لا نسلم أن رؤية الله تعالى معلقة على شرط جائز ، قوله : «لأنها معلقة على استقرار الجبل. وانه جائز» قلنا : بل هى معلقة على استقرار الجبل ، حال كون الجبل متحركا ، واستقرار الجبل حال كون متحركا محال.
وانما قلنا : ان الرؤية معلقة على استقرار الجبل حال كونه متحركا ، لأنه لو كان معلقا على استقراره لا حال كونه متحركا ، فاستقراره فى غير حال حركته ، يكون واقعا حاصلا. لا محالة. لأن الجسم كلما لم يكن متحركا ، كان ساكنا. لا محالة. وعلى هذا التقدير يكون شرط وقوع الرؤية حاصلا ، فكان يجب أن تحصل الرؤية ، وحيث لم تحصل الرؤية ، علمنا : أن الشرط لم يحصل. وانما يصح أن يقال : لم يحصل الشرط ، اذا قلنا : ان الشرط هو استقراره حال حركته. واذا كان ذلك ، كان هذا الشرط محالا. فثبت : أن رؤية الله معلقة على شرط محال. فلم يلزم القول بجواز رؤية الله تعالى.
والجواب : ان الشرط هو استقرار الجبل. واستقرار الجبل هذا ، من حيث هذا المفهوم ، أمر جائز الوجود. فثبت : أن الرؤية معلقة على شرط جائز الوجود.
وأقصى ما فى الباب : أن يقال : دل دليل منفصل على أنه وجد فى ذلك الوقت مانع ، الا أن الّذي دل اللفظ على كونه شرطا للرؤية ، أمر جائز. فكان المقصود حاصلا.
__________________
ـ بل هى معلقة على أمر مستحيل. مثل (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) ومثل :
ومن طلب العلوم بغير كد
سيدركها اذا شاب الغراب