وأما الشعر :
فقول النابغة :
وما رأيتك الا نظرة عرضت |
|
يوم الامارة. والمأمور معذور |
استثنى النظر عن الرؤية ، فوجب أن يكون النظر من جنس الرؤية.
وقال آخر :
نظرت الى من حسن الله وجهه |
|
فيا نظرة كادت على وامق : تقضى |
ومعلوم : أن الّذي يقضى على الوامق : هو رؤية المعشوق ، لا تقليب الحدقة نحوه.
وأما الذين أنكروا كون النظر المقرون ب «الى» مفيدا للرؤية. فقد احتجوا بخمسة وعشرين وجها :
الحجة الأولى : قوله تعالى : (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ ، وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) [الأعراف ١٩٨] وجه الاستدلال من وجهين.
الأول : انه أثبت النظر ونفى الأبصار. وهذا يدل على أن النظر غير الأبصار : الثانى: أنه تعالى حكم بأنه يرى نظرهم إليه.
ولا شك أن الرؤية لا ترى. ولما كان النظر مرئيا ، والرؤية غير مرئية ، والرؤية غير مرئية ، وجب أن لا يكون النظر هو الرؤية.
فان قيل : انه تعالى أثبت النظر للأصنام بقوله تعالى : (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ) ولا شك أنه لم يحصل للأصنام تقليب الحدقة الى جهة المرئى ، فوجب أن لا يكون النظر عبارة عن تقليب الحدقة.
قلنا : النظر هاهنا مفسر بالتقابل. يقال : جبلان متناظران ، أى متقابلان. وهذا المعنى كان حاصلا للأصنام.
الحجة الثانية : قوله تعالى فى صفة الكفار : (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ) [البقرة ٧٧] نفى كونه تعالى ناظرا إليهم ، ولا شك أنه كان يراهم ، فيلزم أن يكون النظر غير الرؤية.