الشبهة الثانية : تمسكوا بقوله تعالى لموسى عليهالسلام : (لَنْ تَرانِي) [الأعراف ١٤٣] وهذه الكلمة للتأبيد ، بدليل قوله تعالى : (قُلْ : لَنْ تَتَّبِعُونا) [الفتح ١٥] نثبت : أن موسى عليهالسلام لا يراه قط. واذا ثبت هذا فى حق موسى ، ثبت فى حق غيره ، لانعقاد الاجماع على أنه لا قائل بالفرق.
الشبهة الثالثة : تمسكوا بقوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً ، أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) [الشورى ٥١] دلت هذه الآية : على أن كل من يكلم الله تعالى ، فانه لا يراه. واذا ثبت عدم الرؤية فى وقت الكلام ، ثبت عدم الرؤية فى غير الوقت الكلام. ضرورة. أنه لا قائل بالفرق.
الشبهة الرابعة : انه تعالى ما ذكر الرؤية فى القرآن ، الا وقد استعظمها. وذلك فى ثلاث آيات : أولها : قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى : لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ ، حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً. فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ، وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) [البقرة ٥٥] وثانيها : قوله تعالى : (يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ : أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ. فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ. فَقالُوا : أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً. فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) [النساء ١٥٣] وثالثها : قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا : لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ ، أَوْ نَرى رَبَّنا. لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ. وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً) [الفرقان ٢١]. وهذا الاستعظام يدل على أن رؤية الله تعالى ممتنعة.
* * *
وأما الشبه العقلية : فهى أيضا أربع :
الشبهة الأولى ـ وهى شبهة الموانع ـ وقبل تقريرها لا بد من مقدمة. وهى أن الأشياء التى يجب حصول الابصار فى الشاهد عند حصولها : ثمانية :