(فَسَبِّحْ) أي : فصل.
وفي المراد بهذه الصّلاة أربعة أقوال : أحدها : المغرب والعشاء ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال قتادة. والثاني : جوف الليل ، رواه العوفيّ عن ابن عباس. والثالث : العشاء ، قاله مجاهد ، وابن زيد. والرابع : أوّل الليل وأوسطه وآخره ، قاله الحسن.
قوله تعالى : (وَأَطْرافَ النَّهارِ) المعنى : وسبّح أطراف النهاء. قال الفرّاء : إنّما هما طرفان ، فخرجا مخرج الجمع ، كقوله تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) (١).
وللمفسّرين في المراد بهذه الصّلاة ثلاثة أقوال : أحدها : أنها الظّهر ، قاله قتادة ؛ فعلى هذا ، إنما قيل لصلاة الظّهر : أطراف النّهار ، لأنّ وقتها عند الزّوال ، فهو طرف النّصف الأوّل النصف الثاني. والثاني : أنها صلاة المغرب وصلاة الصّبح ، قاله ابن زيد ؛ وهذا على أنّ الفجر في ابتداء الطّرف الأوّل ، والمغرب عند انتهاء الطّرف الثاني. والثالث : أنها الفجر والظّهر والعصر ؛ فعلى هذا يكون الفجر من الطّرف الأوّل ، والظّهر والعصر من الطّرف الثاني ، حكاه الفرّاء.
قوله تعالى : (لَعَلَّكَ تَرْضى) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، وحفص عن عاصم : «ترضى» بفتح التاء. وقرأ الكسائيّ ، وأبو بكر عن عاصم بضمّها. فمن فتح ، فالمعنى : لعلّك ترضى ثواب الله الذي يعطيك. ومن ضمّها ، ففيه وجهان : أحدهما : لعلّك ترضى بما تعطى. والثاني : لعلّ الله أن يرضاك.
(وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٣١) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (١٣٢))
قوله تعالى : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ).
(٩٨٢) سبب نزولها ، ما روى أبو رافع مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : نزل ضيف برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فدعاني فأرسلني إلى رجل من اليهود يبيع طعاما ، فقال : قل له : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «بعني كذا وكذا من الدّقيق ، أو أسلفني إلى هلال رجب» فأتيته فقلت له ذلك ، فقال اليهوديّ : والله لا أبيعه ولا أسلفه إلّا برهن ، فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبرته ، فقال : «والله لو باعني أو أسلفني لقضيته ، وإنّي لأمين في السّماء أمين في الأرض ، اذهب بدرعي الحديد إليه» ، فنزلت هذه الآية تعزية له في الدنيا. قال أبيّ بن كعب : من لم يتعزّ بعزاء الله تقطّعت نفسه حسرات على الدنيا. وقد مضى تفسير هذه الآية في آخر سورة الحجر (٢).
____________________________________
(٩٨٢) إسناده ضعيف ، والمتن منكر. أخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ٦١٥ من طريق روح عن موسى بن عبيدة الربذي عن يزيد عن عبد الله بن قسيط عن أبي رافع به. وفيه موسى بن عبيدة الربذي ، ضعيف ليس بشيء.
وأخرجه الطبري ٢٤٤٥٥ من طريق موسى بن عبيدة بالإسناد السابق مختصرا. وأخرجه الطبري ٢٤٤٥٦ من وجه آخر من حديث أبي رافع ، وفيه الحسين بن داود ، وهو ضعيف. ثم إن السورة مكية كما تقدم في مطلعها ، وأما الخبر فمدني. وانظر «فتح القدير» ١٦١٦.
__________________
(١) سورة التحريم : ٤.
(٢) سورة الحجر : ٨٨.