وعمر ، وعثمان ، وعليّ ، وابن عمر ، وممن بعدهم عطاء ، وطاوس ، وسفيان ، ومالك ، وابن أبي ليلى ، والشّافعيّ ، وأحمد ، وإسحاق ، وممّن قال بالجمع بين الجلد والرّجم في حقّ الثّيّب عليّ بن أبي طالب ، والحسن البصريّ ، والحسن بن صالح ، وأحمد ، وإسحاق. قال : وذهب قوم من العلماء إلى أنّ المراد بالجلد المذكور في هذه الآية : البكر ، فأمّا الثّيّب ، فلا يجب عليه الجلد ، وإنما يجب الرّجم ، روي عن عمر ، وبه قال النّخعيّ والزّهري والأوزاعي والثّوري وأبو حنيفة ومالك ، وروي عن أحمد رواية مثل قول هؤلاء.
قوله تعالى : (وَلا تَأْخُذْكُمْ) وقرأ أبو عبد الرّحمن السّلمي وأبو رزين والضّحّاك وابن يعمر والأعمش : «يأخذكم» بالياء (بِهِما رَأْفَةٌ) قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائيّ : «رأفة» بإسكان الهمزة. وقرأ أبو المتوكّل ومجاهد وأبو عمران الجوني وابن كثير : بفتح الهمزة وقصرها على وزن رعفة. وقرأ سعيد بن جبير والضّحّاك وأبو رجاء العطاردي : «رآفة» مثل سآمة وكآبة ، وفي معنى الكلام قولان : أحدهما : لا تأخذكم بهما رأفة ، فتخفّفوا الضّرب ، ولكن أوجعوهما ، قاله سعيد بن المسيّب والحسن والزّهري وقتادة. والثاني : لا تأخذكم بهما رأفة فتعطّلوا الحدود ولا تقيموها ، قاله مجاهد والشّعبيّ وابن زيد في آخرين.
فصل : واختلف العلماء في شدّة الضّرب في الحدود ، فقال الحسن البصريّ : ضرب الزّنا أشدّ من القذف ، والقذف أشدّ من الشّرب ، ويضرب الشّارب أشدّ من ضرب التّعزير ، وعلى هذا مذهب أصحابنا ، وقال أبو حنيفة : التّعزير أشدّ الضّرب ، وضرب الزّنى أشدّ من ضرب الشّارب ، وضرب الشّارب أشدّ من ضرب القذف. وقال مالك : الضّرب في الحدود كلّها سواء غير مبرّح.
فصل : فأمّا ما يضرب من الأعضاء ، فنقل الميموني عن أحمد في جلد الزّاني ، قال : يجرّد ، ويعطى كلّ عضو حقّه ، ولا يضرب وجهه ولا رأسه. ونقل يعقوب بن بختان : لا يضرب الرّأس ولا الوجه ولا المذاكير ، وهو قول أبي حنيفة. وقال مالك : لا يضرب إلّا في الظّهر. وقال الشّافعيّ : يتّقى الفرج والوجه.
قوله تعالى : (فِي دِينِ اللهِ) فيه قولان : أحدهما : في حكمه ، قاله ابن عباس. والثاني : في طاعة الله ، ذكره الماوردي.
قوله تعالى : (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما) قال الزّجّاج : القراءة بإسكان اللام ، ويجوز كسرها ، والمراد بعذابهما ضربهما ، وفي المراد بالطّائفة ها هنا خمسة أقوال (١) : أحدها : الرجل فما فوقه ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد. وقال النّخعيّ : الواحد طائفة. والثاني : الاثنان فصاعدا ، قاله
__________________
(١) قال الطبري رحمهالله في «تفسيره» ٩ / ٢٦٠ : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : قول من قول : أقل ما ينبغي حضور ذلك من عدد المسلمين : الواحد فصاعدا ، وذلك أن الله عمّ بقوله (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ) والطائفة : قد تقع عند العرب على الواحد فصاعدا ، غير أنّي وإن كان الأمر على ما وصفت أستحب أن لا يقصر بعدد من يحضر ذلك الموضع عن أربعة أنفس ، عدد من تقبل شهادته على الزنا لأن ذلك إذا كان كذلك ، فلا خلاف بين الجميع أنه قد أدى المقيم الحدّ ما عليه في ذلك وهم فيما دون ذلك مختلفون.