سعيد بن جبير ، وعطاء ؛ وعن عكرمة كالقولين. قال الزّجّاج : والقول الأول على غير ما عند أهل اللغة ، لأنّ الطّائفة في معنى جماعة ، وأقلّ الجماعة اثنان. والثالث : ثلاثة فصاعدا ، قاله الزّهري. والرابع : أربعة ، قاله ابن زيد. والخامس : عشرة ، قاله الحسن البصريّ.
قوله تعالى : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً).
(١٠٢٢) قال عبد الله بن عمرو : كانت امرأة تسافح ، وتشترط للذي يتزوجها أن تكفيه النّفقة فأراد رجل من المسلمين أن يتزوّجها ، فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت هذه الآية.
(١٠٢٣) وقال عكرمة : نزلت في بغايا ، كنّ بمكّة ، ومنهنّ تسع صواحب رايات ، وكانت بيوتهنّ تسمّى في الجاهليّة : المواخير ، ولا يدخل عليهنّ إلّا زان من أهل القبلة ، أو مشرك من أهل الأوثان ، فأراد ناس من المسلمين نكاحهنّ ، فنزلت هذه الآية. قال المفسّرون : ومعنى الآية : الزّاني من المسلمين لا يتزوّج من أولئك البغايا إلّا زانية (أَوْ مُشْرِكَةً) لأنهنّ كذلك كنّ (وَالزَّانِيَةُ) منهنّ (لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) ، ومذهب أصحابنا (١) أنه إذا زنى بامرأة ، لم يجز له أن يتزوّجها إلّا بعد التّوبة منهما.
____________________________________
(١٠٢٢) حسن. أخرجه النسائي في «التفسير» ٣٧٩ وأحمد ٢ / ١٥٩ ـ ٢٢٥ والحاكم ٢ / ١٩٣ والطبري ٢٥٧٤٢ والواحدي في «الأسباب» ٦٣٢ والبيهقي ٧ / ١٥٣ كلهم من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه عن الحضرمي عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص به مع اختلاف يسير في ألفاظهم. وإسناده ضعيف لجهالة الحضرمي هذا ، وقد وثقه ابن حبان وحده. واعتمده الهيثمي ، فقال في «المجمع» ٧ / ٧٤ : رجال أحمد ثقات! وكذا صححه الحاكم! ووافقه الذهبي. وأخرجه الحاكم ٢ / ٣٩١ من طريق هشيم عن سليمان التيمي عن القاسم عن عبد الله بن عمرو به ، وإسناده ضعيف ، فقد سقط منه الحضرمي ، ولعل ذلك بسبب عنعنة هشيم ، فإنه مدلس ، وقد جرى الحاكم على ظاهره ، فصححه على شرط الشيخين! ووافقه الذهبي! وليس كما قالا. وله شاهد من مرسل مجاهد ، أخرجه الطبري ٢٥٧٤٩ ومع إرساله فيه راو لم يسم ، ومع ذلك هذه الروايات تشهد للحديث الآتي وليست مخالفة له ، والله أعلم فقد تكون الحادثة مكررة والسبب واحد. وانظر «أحكام القرآن» ١٥٤٩.
(١٠٢٣) مرسل. ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٣١ عن عكرمة بدون إسناد. وانظر ما قبله.
__________________
(١) قال الإمام الموفق رحمهالله في «المغني» ٩ / ٥٦١ : إذا زنت المرأة ، لم يحل ذلك نكاحها إلا بشرطين :
أحدهما : انقضاء عدتها ولا يحل نكاحها قبل وضع حملها. وبهذا قال مالك وأبو يوسف وهو إحدى الروايتين عن أبي حنيفة ، وفي الأخرى قال : يحل نكاحها ويصح. وهو مذهب الشافعي لأنه وطء لا يلحق به النسب فلم يحرّم النكاح ، كما لو لم تحمل. والثاني : أن تتوب من الزنى. وبه قال قتادة ، وأبو عبيد ، وإسحاق وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : لا يشترط ذلك. وإذا وجد الشرطان حل نكاحها للزاني وغيره في قول أكثر العلم. وروي عن ابن مسعود وعائشة والبراء : أنها لا تحل للزاني بحال ، قالوا : لا يزالان زانيين ما اجتمعا ، ويحتمل أنهم أرادوا بذلك ما كان قبل التوبة. أو قبل استبرائها فيكون كقولنا. أما تحريمها على الإطلاق فلا يصح. هذا وإن عدة الزانية كعدة المطلقة ، لأنه استبراء لحرة ، فأشبه عدة الموطوءة بشبهة. وحكى ابن أبي موسى ، أنها تستبرأ بحيضة. وأما التوبة ، فهي الاستغفار والندم والإقلاع عن الذنب ، كالتوبة من سائر الذنوب.
وهو الصحيح. وروي عن ابن عمر ، أنه قيل له : كيف تعرف توبتها؟ قال يريدها على ذلك ، فإن طاوعته لم تتب وإن أبت فقد تابت. فصار أحمد إلى قول ابن عمر اتباعا له. والصحيح الأول ، فإنه لا ينبغي لمسلم أن يدعو امرأة إلى الزنا ، ويطلبه منها ، ولا تحل الخلوة بأجنبية ولو كان في تعليمها القرآن. فلا يحل التعرض لمثل هذا. قال الطبري رحمهالله ٩ / ٢٦٤ : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال : عني