لهلال حين قذفها : «ائتني بأربعة شهداء ، وإلّا فحدّ في ظهرك» ، فنزلت هذه الآية ، فنسخ حكم الجلد في حقّ الزوج القاذف.
فصل في بيان حكم الآية : إذا قذف الرجل زوجته بالزّنا ، لزمه الحدّ ، وله التّخلّص منه بإقامة البيّنة ، أو باللّعان ، فإن أقام البيّنة لزمها الحدّ ، وإن لاعنها ، فقد حقّق عليها الزّنا ، ولها التّخليص منه باللّعان ، فإن نكل الزّوج عن اللّعان ، فعليه حدّ القذف ، وإن نكلت الزوجة ، لم تحدّ ، وحبست حتى تلاعن أو تقرّ بالزّنا في إحدى الروايتين ، وفي الأخرى : يخلّى سبيلها ، وقال أبو حنيفة : لا يحدّ واحد منهما ، ويحبس حتى يلاعن. وقال مالك ، والشّافعيّ : يجب الحدّ على النّاكل منهما.
فصل : ولا تصحّ الملاعنة إلّا بحضرة الحاكم. فإن كانت المرأة خفرة ، بعث الحاكم من يلاعن بينهما. وصفة اللّعان أن يبدأ الزّوج فيقول : أشهد بالله إنّي لمن الصّادقين فيما رميتها به من الزّنا ، أربع مرّات ، ثم يقول في الخامسة : ولعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، ثم تقول الزّوجة أربع مرات : أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزّنا ، ثم تقول : وغضب الله عليها إن كان من الصّادقين. والسّنة أن يتلاعنا قياما ، ويقال للزّوج إذا بلغ اللعنة : اتّق الله فإنها الموجبة ، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، وكذلك يقال للزّوجة إذا بلغت إلى الغضب. فإن كان بينهما ولد ، افتقر نفيه عن الأب إلى ذكره في اللّعان ، فيزيد في الشّهادة : وما هذا الولد ولدي ، وتزيد هي : وإنّ هذا الولد ولده.
فصل : واختلف الفقهاء في الزّوجين اللّذين يجري بينهما اللّعان ، فالمشهور عن أحمد أنّ كلّ زوج صحّ قذفه صحّ لعانه ، فيدخل تحت هذا المسلم والكافر والحرّ والعبد ، وكذلك المرأة ، وهذا قول مالك ، والشّافعيّ. وقال أبو حنيفة : لا يجوز اللّعان بين الحرّ والأمة ، ولا بين العبد والحرّة ، ولا بين الذّميّين ، أو إذا كان أحدهما ذمّيّا ؛ ونقل حرب عن أحمد نحو هذا ، والمذهب هو الأول. ولا تختلف الرواية عن أحمد أنّ فرقة اللّعان لا تقع بلعان الزوج وحده. واختلفت هل تقع بلعانهما من غير فرقة الحاكم على روايتين. وتحريم اللّعان مؤبّد ، فإن أكذب الملاعن نفسه لم تحلّ له زوجته أيضا ، وبه قال عمر ، وعليّ ، وابن مسعود ، وعن أحمد روايتان ، أصحّهما : هذا ، والثانية : يجتمعان بعد التّكذيب ، وهو قول أبي حنيفة.
قوله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ) وقرأ أبو حنيفة وأبو المتوكّل. وابن يعمر ، والنّخعيّ : «تكن» بالتاء. قوله تعالى : (فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم : «أربع» بفتح العين. وقرأ حمزة ، والكسائيّ ، وحفص عن عاصم : برفع العين. قال الزّجّاج : من رفع «أربع» فالمعنى : فشهادة أحدهم التي تدرأ حدّ القذف أربع ؛ ومن نصب ، فالمعنى : فعليهم أن يشهد أحدهم أربع. قوله تعالى : (وَالْخامِسَةُ) قرأ حفص عن عاصم : «والخامسة» نصبا ، حملا على نصب «أربع شهادات». قوله تعالى : (أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ) قرأ نافع ، ويعقوب ، والمفضّل :
____________________________________
النبي صلىاللهعليهوسلم : «أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خدلّج الساقين فهو لشريك بن سمحاء» فجاءت به كذلك فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لو لا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن». لفظ البخاري. وانظر «أحكام القرآن» ١٥٥٣ بتخريجنا.