لأنّ من شرط الإيمان ترك قذف المحصنة (وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) في الأمر والنّهي.
ثم هدّد القاذفين بقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ) أي : يحبّون أن يفشو القذف بالفاحشة ، وهي الزّنا (فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا) يعني : الجلد (وَالْآخِرَةِ) عذاب النار.
(١٠٣٠) وروت عمرة عن عائشة قالت : لمّا نزل عذري قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم على المنبر ، فذكر ذلك ، وتلا القرآن ، فلمّا نزل أمر برجلين وامرأة ، فضربوا حدّهم.
(١٠٣١) وروى أبو صالح عن ابن عباس أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم جلد عبد الله بن أبيّ ، ومسطح ابن أثاثة ، وحسّان بن ثابت ، وحمنة ، فأمّا الثلاثة فتابوا ، وأمّا عبد الله فمات منافقا ؛ وبعض العلماء ينكر صحّة هذا ، ويقول : لم يضرب أحدا.
قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ) شرّ ما خضتم فيه وما يتضمّن من سخط الله (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ذلك ، (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ) جوابه محذوف ، تقديره : لعاقبكم فيما قلتم لعائشة. قال ابن عباس : يريد : مسطحا ، وحسّانا ، وحمنة.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢١))
قوله تعالى : (لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) أي : تزيينه لكم قذف عائشة. وقد سبق شرح «خطوات الشيطان» وبيان «الفحشاء والمنكر» (١). قوله تعالى : (ما زَكى مِنْكُمْ) وقرأ الحسن ، ومجاهد ، وقتادة : «ما زكّى» بتشديد الكاف. وفيمن خوطب بهذا قولان : أحدهما : أنه عامّ في الخلق. والثاني : أن خاصّ للمتكلّمين في الإفك. ثم في معناه أربعة أقوال : أحدها : ما اهتدى ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني : ما أسلم ، قاله ابن زيد. والثالث : ما صلح ، قاله مقاتل. والرابع : ما ظهر ، قاله ابن قتيبة.
____________________________________
(١٠٣٠) غير قوي. أخرجه أبو داود ٤٤٧٤ والترمذي ٣١٨١ وابن ماجة ٢٥٦٧ وأحمد ٦ / ٣٥ والطحاوي في «المشكل» ٢٩٦٣ والبيهقي في «الدلائل» ٤ / ٧٤ وفي «السنن» ٨ / ٢٥٠ من طرق عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة قالت : «لما نزل عذري قام النبي صلىاللهعليهوسلم على المنبر فذكر ذاك ، وتلا ـ تعني القرآن ـ فلما نزل المنبر أمر بالرجلين والمرأة فضربوا حدهم».
وفي رواية الطحاوي «فأمر برجلين وامرأة ، فضربوا حدهم ثمانين ثمانين». وفي إسناده محمد بن إسحاق ، وهو مدلس ، لكن صرّح بالتحديث في رواية الطحاوي والبيهقي. وأخرجه أبو يعلى ٤٩٣٢ عن عروة مرسلا. وأخرجه عبد الرزاق ٩٧٥٠ عن الزهري مرسلا. وأخرجه أبو داود ٤٤٧٥ عن محمد بن إسحاق مرسلا. وأخرجه عبد الرزاق ٩٧٤٩ من طريق ابن أبي يحيى عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة. وإسناده ضعيف جدا ، فيه ابن أبي يحيى ، وهو إبراهيم بن محمد ، وهو متروك. فلا يقطع بصحة هذا الخبر بمثل هذه الروايات ، والله أعلم.
(١٠٣١) لم يثبت أن ابن سلول ، قد حدّ البتة ، وأصح شيء ورد في ذلك هو ما تقدم. وهذا الطريق عن أبي صالح عن ابن عباس ، ليس بشيء. لأن أبا صالح واه في ابن عباس ، وراويته الكلبيّ ، وهو ممن يضع الحديث.
__________________
(١) في سورة البقرة عند الآيتان : ١٦٨ و ١٦٩.