(١٠٣٤) وقد روى ابن مسعود عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «يا معشر الشباب عليكم بالباءة ، فمن لم يجد فعليه بالصّيام فإنه له وجاء».
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ) أي : يطلبون المكاتبة من العبيد والإماء على أنفسهم ، (فَكاتِبُوهُمْ) فيه قولان : أحدهما : أنه مندوب إليه ، قاله الجمهور. والثاني : أنه واجب ، قاله عطاء ، وعمرو بن دينار. وذكر المفسّرون : أنها نزلت في غلام لحويطب بن عبد العزّى يقال له : صبيح ، سأل مولاه الكتابة فأبى عليه ، فنزلت هذه الآية ، فكاتبه حويطب على مائة دينار ووهب له منها عشرين دينارا. قوله تعالى : (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) فيه ستة أقوال (١) : أحدها : إن علمتم لهم مالا ، رواه العوفيّ عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وعطاء ، والضّحّاك. والثاني : إن علمتم لهم حيلة ، يعني : الكسب ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث : إن علمتم فيهم دينا ، قاله الحسن. والرابع : إن علمتم أنهم يريدون بذلك الخير ، قاله سعيد بن جبير. والخامس : إن أقاموا الصّلاة ، قاله عبيدة السّلماني. والسادس : إن علمتم لهم صدقا ووفاء ، قاله إبراهيم. قوله تعالى : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) فيه قولان (٢) : أحدهما : أنه خطاب للأغنياء الذين تجب عليهم الزّكاة ، أمروا أن يعطوا المكاتبين من سهم الرّقاب ، روى عطاء عن ابن عباس في هذه الآية قال : هو سهم الرّقاب يعطى منه المكاتبون. والثاني : أنه خطاب للسّادة ، أمروا أن يعطوا مكاتبيهم من كتابتهم شيئا. قال أحمد والشّافعيّ : الإيتاء واجب ، وقدّره أحمد بربع مال الكتابة. وقال الشّافعيّ : ليس بمقدّر. وقال أبو حنيفة ومالك : لا يجب الإيتاء : وقد روي عن عمر بن الخطّاب أنه كاتب غلاما له يقال له : أبو أميّة ، فجاء بنجمه حين حلّ ؛ فقال : اذهب يا أبا أميّة فاستعن به في مكاتبتك ، قال : يا أمير المؤمنين لو أخّرته حتى يكون في آخر النّجوم ، فقال : يا أبا أميّة : إني أخاف أن لا أدرك ذلك ، ثم قرأ : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) ، قال عكرمة : وكان ذلك أوّل نجم أدّي في الإسلام.
قوله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ).
(١٠٣٥) روى مسلم في «صحيحه» من حديث أبي سفيان عن جابر ، قال : كان عبد الله بن أبيّ
____________________________________
(١٠٣٤) صحيح. أخرجه البخاري ٥٠٦٦ ومسلم ١٤٠٠ ح ٣ و ٤ والترمذي ١٠٨١ والنسائي ٤ / ١٦٩ و ٢٧٠ و ٦ / ٥٧ و ٥٨ وأحمد ١ / ٤٢٤ و ٤٢٥ و ٤٣٢ والدارمي ٢ / ١٣٢. والبيهقي ٧ / ٧٧ من طرق عن الأعمش به. وأخرجه البخاري ١٩٠٥ و ٥٠٦٥ ومسلم ١٤٠٠ وأبو داود ٢٠٤٦ وابن ماجة ١٨٤٥ والنسائي ٤ / ١٧١ و ٦ / ٥٧ و ٥٨ وأحمد ١ / ٣٧٨ و ٤٤٧ والطيالسي ١٩٠٥ وأبو يعلى ٥١١٠ و ٥١٩٢ والبيهقي ٧ / ٧٧ من طرق عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود به. وورد من حديث أبي هريرة عند الواحدي في «الوسيط» ٣ / ٣١٨.
(١٠٣٥) حديث صحيح. أخرجه مسلم ٣٠٢٩ وأبو داود ٢٣١١ والنسائي في «التفسير» ٣٨٥ والطبري ٢٦٠٧٢
__________________
(١) قال الطبري رحمهالله في «تفسيره» ٩ / ٣١٥ : وأولى هذه الأقوال في معنى ذلك عندي قول من قال : معناه : فكاتبوهم إن علمتم فيهم القوة على الاحتراف والاكتساب ، ووفاء بما أوجب على نفسه وألزمها ، وصدق لهجة. وذلك أن هذه المعاني هي الأسباب التي بمولى العبد الحاجة إليها إذا كاتب عبده مما يكون في العبد ، فأما المال فلا يكون في العبد ، وإنما يكون عنده وله.
(٢) قال الطبري رحمهالله في «تفسيره» ٩ / ٣١٧ : وأولى القولين بالصواب في ذلك عندي : قول من قال : عنى به إتياءهم سهمهم من الصدقة المفروضة.