(٩٠٣) والثاني : أنه أري بني أميّة على المنابر ، فساءه ذلك ، فقيل له : إنها الدّنيا يعطونها ، فسرّي عنه. فالفتنة ها هنا : البلاء ، رواه عليّ بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيّب ، وإن كان مثل هذا لا يصحّ ، ولكن قد ذكره عامّة المفسّرين.
وروى ابن الأنباري أنّ سعيد بن المسيّب قال : رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قوما على منابر ، فشقّ ذلك عليه ، وفيه نزل : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) ، قال : ومعنى قوله : (إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) : إلّا بلاء للناس (١). قال ابن الأنباري : فمن ذهب إلى أنّ الشجرة رجال رآهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم في منامه يصعدون المنابر ، احتجّ بأنّ الشجرة يكنّى بها عن المرأة لتأنيثها ، وعن الجماعة لاجتماع أغصانها. قالوا : ووقعت اللعنة بهؤلاء الذين كنّى عنهم بالشجرة. قال المفسّرون : وفي الآية تقديم وتأخير ، تقديره : وما جعلنا الرّؤيا والشجرة إلّا فتنة للناس. وفي هذه الشّجرة ثلاثة أقوال (٢) :
أحدها : أنها شجرة الزّقّوم ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، ومسروق ، والنّخعيّ ، والجمهور.
(٩٠٤) وقال مقاتل : لمّا ذكر الله تعالى شجرة الزّقّوم ، قال أبو جهل : يا معشر قريش إنّ محمّدا يخوّفكم بشجرة الزّقّوم ، ألستم تعلمون أنّ النار تحرق الشجر ، ومحمّد يزعم أنّ النار تنبت الشجر ، فهل تدرون ما الزّقّوم ، فقال عبد الله بن الزبعرى : إنّ الزّقّوم بلسان بربر : التّمر والزّبد ، فقال أبو جهل : يا جارية ابغينا تمرا وزبدا ، فجاءته به ، فقال لمن حوله : تزقّموا من هذا الذي يخوفكم به محمّد ، فأنزل الله عزوجل : (وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً) : قال ابن قتيبة : كانت فتنتهم بالرّؤيا قولهم : كيف يذهب إلى بيت المقدس ، ويرجع في ليلة؟! وبالشجرة قولهم : كيف يكون في النار شجرة؟!
وللعلماء في معنى «الملعونة» ثلاثة أقوال : أحدها : المذمومة ، قاله ابن عباس. والثاني : الملعون آكلها ، ذكره الزّجّاج ، وقال : إن لم يكن في القرآن ذكر لعنها ، ففيه لعن آكليها ؛ قال : والعرب تقول لكلّ طعام مكروه وضارّ : ملعون ؛ فأمّا قوله تعالى : (فِي الْقُرْآنِ) فالمعنى : التي ذكرت في القرآن ، وهي
____________________________________
(٩٠٣) ضعيف جدا. أخرجه ابن مردويه وابن أبي حاتم كما في «الدر» ٣ / ٣٤٦ على علي بن زيد عن سعيد بن المسيّب مرسلا ، وهذا إسناد واه ، فهو مرسل ، وعلي بن زيد ضعيف. وأخرجه الطبري ٢٢٤٣٣ عن ابن عباس ، وأعله ابن كثير بمحمد بن الحسن بن زبالة وأنه ضعيف جدا ، قال : وشيخه ـ عبد المهيمن بن عباس ضعيف بالكلية.
قلت : والمتن منكر ، لا يصح في هذا الباب شيء. قال الحافظ في «الفتح» ٨ / ٣٩٨ : روي عن جماعة من الصحابة ، وأسانيد الكل ضعيفة اه. وانظر «تفسير الشوكاني» ١٤٣٥ بتخريجنا.
(٩٠٤) عزاه المصنف لمقاتل ، وهو ساقط الرواية. وأخرجه الطبري ٢٢٤٥٢ و ٢٢٤٥٣ بنحوه عن قتادة. مرسلا.
وورد من مرسل الحسن ، أخرجه برقم ٢٢٤٣٩.
__________________
(١) ضعيف جدا ، وانظر ما قبله.
(٢) قال الطبري رحمهالله ٨ / ١٠٥ : وأولى القولين في ذلك بالصواب عندنا قول من قال : عني بها شجرة الزقوم ، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك. وهو اختيار ابن كثير رحمهالله في «تفسيره» ٣ / ٦٤. وقال الحافظ في «الفتح ٨ / ٣٩٩ وهذا هو الصحيح ذكره ابن أبي حاتم عن بضعة عشر نفسا من التابعين.