مذكورة في قوله : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤)) (١). والثالث : أنّ معنى «الملعونة» : المبعدة عن منازل أهل الفضل ، ذكره ابن الأنباري.
والقول الثاني : أنّ الشجرة الملعونة هي التي تلتوي على الشّجر ، يعني : الكشوثى (٢) ، وهذا مرويّ عن ابن عباس أيضا.
والثالث : أنّ الشجرة كناية عن الرجال على ما ذكرنا عن سعيد بن المسيّب.
قوله تعالى : (وَنُخَوِّفُهُمْ) قال ابن الأنباري : مفعول «نخوّفهم» محذوف ، تقديره : ونخوّفهم العذاب ، (فَما يَزِيدُهُمْ) أي : فما يزيدهم التّخويف (إِلَّا طُغْياناً) ؛ وقد ذكرنا معنى الطّغيان في سورة البقرة (٣) ، وذكرنا هناك تفسير قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا) (٤).
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً (٦١) قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً (٦٢) قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً (٦٣) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُوراً (٦٤) إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً (٦٥))
قوله تعالى : «اسجد» قرأه الكوفيّون : بهمزتين. وقرأه الباقون : بهمزة مطوّلة ؛ وهذا استفهام إنكار ، يعني به : لم أكن لأفعل.
قوله تعالى : (لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) قال الزّجّاج : «طينا» منصوب على وجهين : أحدهما : التّمييز ، المعنى : لمن خلقته من طين. والثاني : على الحال ، المعنى : أنشأته في حال كونه من طين. ولفظ (قالَ أَرَأَيْتَكَ) جاء ها هنا بغير حرف عطف ، لأنّ المعنى : قال آسجد لمن خلقت طينا ، وأ رأيتك ، وهي في معنى : أخبرني ، والكاف ذكرت في المخاطبة توكيدا ، والجواب محذوف ، والمعنى : أخبرني عن هذا الذي كرّمت عليّ ، لم كرّمته عليّ وقد خلقتني من نار وخلقته من طين؟! فحذف هذا ، لأنّ في الكلام دليلا عليه.
قوله تعالى : (لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمر : «أخرتني» بياء في الوصل. ووقف ابن كثير بالياء. وقرأ ابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائيّ بغير ياء في وصل ولا في وقف. قوله تعالى : (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : لأستولينّ عليهم ، قاله ابن عباس ، والفرّاء. والثاني : لأضلّنّهم ، قاله ابن زيد. والثالث : لأستأصلنّهم ؛ يقال : احتنك الجراد ما على الأرض : إذا أكله ؛ واحتنك فلان ما عند فلان من العلم : إذا استقصاه ، فالمعنى : لأقودنّهم كيف شئت ،
__________________
(١) سورة الدخان : ٤٣ ـ ٤٤.
(٢) في «اللسان» : الكشوث : نبت يتعلق بأغصان الشجر من غير أن يضرب بعرق في الأرض.
والكشوثى : نبات مجتث مقطوع الأصل ، وقيل : لا أصل له ، وهو أصفر يتعلق بأطراف الشوك.
(٣) سورة البقرة : ١٥.
(٤) سورة البقرة : ٣٤.