أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤) قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ (٣٥))
قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ).
(١٠٧٦) روى ابن عباس عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه سئل : أيّ الأجلين قضى موسى ، قال : «أوفاهما وأطيبهما». قال مجاهد : مكث بعد قضاء الأجل عندهم عشرا أخر. وقال وهب بن منبّه : أقام عندهم بعد أن أدخل عليه امرأته سنين ، وقد سبق تفسير هذه الآية (١) إلى قوله تعالى : (أَوْ جَذْوَةٍ) وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، والكسائيّ : «جذوة» بكسر الجيم. وقرأ عاصم بفتحها. وقرأ حمزة ، وخلف ، والوليد عن ابن عامر بضمّها ، وكلّها لغات. قال ابن عباس : الجذوة : قطعة حطب فيها نار ، وقال أبو عبيدة : قطعة غليظة من الحطب ليس فيها لهب ، وهي مثل الجذمة من أصل الشجر ، قال ابن مقبل :
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها |
|
جزل الجذا غير خوّار ولا دعر (٢) |
والدّاعر : الذي قد نخر ، ومنه رجل داعر. أي : فاسد.
قوله تعالى : (نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ) وهو : جانبه الأيمن وهو الذي عن يمين موسى (فِي
____________________________________
(١٠٧٦) حديث حسن أو يشبه الحسن. أخرجه الحاكم ٢ / ٤٠٨ ح ٣٥٣١ من حديث ابن عباس ، سكت عليه الحاكم ، وضعفه الذهبي بقوله : حفص ـ ابن عمر العدني ـ واه.
وتوبع حفص ، فقد أخرجه الحميدي ٥٣٥ وأبو يعلى ٢٤٠٨ والبزار ٢٢٤٥ «كشف» والطبري ٢٧٤٠٩ والحاكم ٢ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨ ح ٣٥٣٢ كلهم من حديث ابن عباس ، «أن النبي صلىاللهعليهوسلم سأل جبريل : «أي الأجلين قضى موسى؟» قال : أتمهما» وإسناده ضعيف فيه إبراهيم بن يحيى ، وهو مجهول كما قال الذهبي في رده على الحاكم حيث صحح الحديث ، وكذا أعله الحافظ في «تخريجه» ٣ / ٤٠٧ بجهالة إبراهيم هذا ، وقد سقط إبراهيم هذا من إسناد أبي يعلى ، فجرى الهيثمي في «المجمع» ١١٢٥٠ على ظاهره ، فقال : رجاله رحال الصحيح غير الحكم بن أبان ، وهو ثقة! وكذا حسنه الشيخ حسين أسد محقق «مسند أبي يعلى» جريا على ظاهره ، وليس كذلك كما تقدم. لكن المرفوع ورد من وجوه أخر. فقد ورد من حديث أبي ذر ، أخرجه البزار ٢٢٤٤ «كشف» وإسناده ضعيف جدا لأجل إسحاق بن إدريس ، متروك ومثله شيخه عوبد بن أبي عمران ، وقد توبع إسحاق عند الطبراني في «الصغير» ٨١٥ و «الأوسط» كما في «المجمع» ١١٢٢٥٢. وقال الهيثمي : إسناده حسن ، كذا قال رحمهالله! مع أن فيه عوبد ، وهو متروك. وورد من حديث عتبة بن النّدر ، أخرجه ابن ماجة ٢٤٤٤ وإسناده ضعيف جدا فيه بقية بن الوليد ، مدلس ، وقد عنعن ، وفيه مسلمة بن علي الخشني ، وهو متروك. وورد من وجه آخر عن أبي لهيعة ، أخرجه البزار ٢٢٤٦ والطبراني ١٧ / ٣٤ ـ ١٣٥ ، وابن أبي حاتم كما في «تفسير ابن كثير» ٣ / ٤٧٧ وإسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة ، وورد من مرسل مجاهد ، أخرجه الطبري ٢٧٤١٠. ومن مرسل محمد بن كعب القرظي ، أخرجه ٢٧٤٠٨ فلعل هذه الروايات بمجموعها تتأيد ويصير الحديث حسنا ، على أنه أخرجه الطبري من وجوه عن ابن عباس وغيره موقوفا ، غير مرفوع والله أعلم.
وانظر «تفسير الشوكاني» ١٨٥٦ و ١٨٥٧ و ١٨٥٨ و ١٨٥٩ و «تفسير ابن كثير» كلاهما بتخريجي.
__________________
(١) طه : ١٠.
(٢) الحواطب : الجواري يطلبن الحطب ، وفي «اللسان» : الجزل : الحطب اليابس الغليظ. والجذى : جمع جذوة ، وهو العود الغليظ الذي في رأسه نار أو لا. الخوّار : الضعف. الدعر : الفساد والسوس.