أحدهما : من المحضرين في عذاب الله تعالى ، قاله قتادة.
والثاني : من المحضرين للجزاء ، حكاه الماوردي.
(وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٦٢) قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ (٦٣) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ (٦٤) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ (٦٦) فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧))
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) أي : ينادي الله تعالى المشركين يوم القيامة (فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ) هذا على وجه حكاية قولهم ؛ والمعنى : أين شركائي في قولكم؟! (قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) أي : وجب عليهم العذاب ، وهم رؤساء الضّلالة ، وفيهم قولان : أحدهما : أنهم رؤوس المشركين. والثاني : أنهم الشياطين (رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا) يعنون الأتباع (أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا) أي : أضللناهم كما ضللنا (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ) أي : تبرّأنا منهم إليك ؛ والمعنى أنهم يتبرّأ بعضهم من بعض ويصيرون أعداء. (وَقِيلَ) لكفّار بني آدم (ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) أي : استغيثوا بآلهتكم لتخلّصكم من العذاب (فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) أي : فلم يجيبوهم إلى نصرهم (وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) قال الزّجّاج : جواب «لو» محذوف ؛ والمعنى : لو أنهم كانوا يهتدون لما اتّبعوهم ولما رأوا العذاب. قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) أي : ينادي الله الكفّار ويسألهم (فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ). (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ) وقرأ أبو رزين العقيلي ، وقتادة ، وأبو العالية ، وأبو المتوكّل ، وعاصم الجحدري : «فعمّيت» برفع العين وتشديد الميم. قال المفسّرون : خفيت عليهم الحجج ، وسمّيت أنباء ، لأنها أخبار يخبر بها. قال ابن قتيبة : المعنى : عموا عنها ـ من شدّة الهول ـ فلم يجيبوا ، و «الأنباء» الحجج.
قوله تعالى : (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) فيه ثلاثة أقوال. أحدها : لا يسأل بعضهم بعضا عن الحجّة ، قاله الضّحّاك. والثاني : أنّ المعنى : سكتوا فلا يتساءلون في تلك الساعة ، قاله الفرّاء. والثالث : لا يسأل بعضهم بعضا أن يحمل عنه شيئا من ذنوبه ، حكاه الماوردي.
(فَأَمَّا مَنْ تابَ) من الشّرك (وَآمَنَ) أي : صدّق بتوحيد الله عزوجل (وَعَمِلَ صالِحاً) أدّى الفرائض (فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) و «عسى» من الله عزوجل واجب.
(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٦٩) وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠))
قوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ) روى العوفيّ عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ) قال : كانوا يجعلون لآلهتهم خير أموالهم في الجاهليّة.