(١٠٨٠) وقال مقاتل : نزلت في الوليد بن المغيرة حين قال : (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (١).
والمعنى أنّه لا تبعث الرّسل باختيارهم. قال الزّجّاج : والوقف الجيد على قوله تعالى : «ويختار» وتكون «ما» نفيا ؛ والمعنى : ليس لهم أن يختاروا على الله تعالى ؛ ويجوز أن تكون «ما» بمعنى «الذي» ، فيكون المعنى : ويختار الذي لهم فيه الخيرة ممّا يتعبّدهم به ويدعوهم إليه ؛ قال الفرّاء : والعرب تقول لما تختاره : أعطني الخيرة والخيرة والخيرة ، قال ثعلب : كلّها لغات.
قوله تعالى : (ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ) أي : ما تخفي من الكفر والعداوة (وَما يُعْلِنُونَ) بألسنتهم. قوله تعالى : (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ) أي : يحمده أولياؤه في الدنيا ويحمدونه في الجنّة (وَلَهُ الْحُكْمُ) وهو الفصل بين الخلائق. والسّرمد : الدّائم.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٧٢) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥))
قوله تعالى : (أَفَلا تَسْمَعُونَ) أي : سماع فهم وقبول فتستدلّوا بذلك على وحدانيّة الله تعالى؟! ومعنى (تَسْكُنُونَ فِيهِ) : تستريحون من الحركة والنّصب (أَفَلا تُبْصِرُونَ) ما أنتم عليه من الخطأ والضّلالة؟! ثم أخبر أنّ اللّيل والنّهار رحمة منه. وقوله تعالى : (لِتَسْكُنُوا فِيهِ) يعني في الليل (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) أي : لتلتمسوا من رزقه بالمعاش في النهار (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الذي أنعم عليكم بهما. قوله تعالى : (وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) أي : أخرجنا من كلّ أمّة رسولها الذي يشهد عليها بالتّبليغ (فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ) أي : حجّتكم على ما كنتم تعبدون من دوني (فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ) أي : علموا أنّه لا إله إلّا هو (وَضَلَّ عَنْهُمْ) أي : بطل في الآخرة (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) في الدنيا من الشّركاء.
(إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦) وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧))
____________________________________
(١٠٨٠) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٦٥ بدون إسناد ، بقوله : قال أهل التفسير.
__________________
(١) الزخرف : ٣١.