المعراج ، فإذا دخلها يوم القيامة كان ردّا ، ذكرهما ابن جرير. والثالث : أنّ العرب تقول : رجع الأمر إلى كذا ، وإن لم يكن له كون فيه قطّ ، وأنشدوا :
يحور رمادا بعد إذ هو ساطع (١)
وقد شرحنا هذا في قوله (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) عن ابن عباس وبه قال أبو سعيد الخدريّ. الثالث : لرادك إلى الموت ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس وبه قال أبو سعيد الخدري. والرابع : لرادّك إلى القيامة بالبعث ، قاله الحسن والزّهري ومجاهد في رواية والزّجّاج.
ثم ابتدأ كلاما يردّ به على الكفار حين نسبوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى الضّلال ، فقال : (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى) ؛ والمعنى : قد علم أنّي جئت بالهدى ، وأنّكم في ضلال مبين. ثم ذكره نعمه ، فقال : (وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ) أي : أن تكون نبيّا وأن يوحى إليك القرآن (إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) قال الفرّاء : هذا استثناء منقطع ، والمعنى : إلّا أنّ ربّك رحمك فأنزله عليك (فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ) أي : عونا لهم على دينهم ، وذلك أنّهم دعوه إلى دين آبائه فأمر بالاحتراز منهم ؛ والخطاب بهذا وأمثاله له ، والمراد أهل دينه لئلّا يظاهروا الكفّار ولا يوافقوهم.
قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) فيه قولان : أحدهما : إلا ما أريد به وجهه ، رواه عطاء عن ابن عباس ، وبه قال الثّوري. والثاني : إلّا هو ، قاله الضّحّاك وأبو عبيدة. قوله تعالى : (لَهُ الْحُكْمُ) أي الفصل بين الخلائق في الآخرة دون غيره (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) في الآخرة.
__________________
(١) هو عجز بيت للبيد بن ربيعة العامري وصدره : وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ، كما في «ديوانه» ١٦٩ ، و «اللسان» ـ حور ـ.