يخفى عليه ذلك ؛ والمعنى أنه يجازيهم على كفرهم. (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ) يعني أمثال القرآن التي شبّه بها أحوال الكفّار ، وقيل : إنّ «تلك» بمعنى «هذه» ، و (الْعالِمُونَ) الذين يعقلون عن الله عزوجل.
(خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٤٤) اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ (٤٥))
(خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) أي : للحقّ ، ولإظهار الحقّ.
قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) في المراد بالصّلاة قولان :
أحدهما : أنها الصلاة المعروفة ، قاله الأكثرون.
(١٠٩٢) وروى أنس بن مالك عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، لم يزدد من الله إلّا بعدا».
____________________________________
(١٠٩٢) المرفوع واه ليس بشيء ، أخرجه الواحدي في «الوسيط» ٣ / ٤٢١ من حديث أنس ، وفيه عمر بن شاكر وهو منكر الحديث. وله شاهد من حديث ابن عباس. أخرجه الطبراني ١١٠٢٥ والقضاعي في «الشهاب» ٥٠٩ وابن أبي حاتم كما في «تفسير ابن كثير» ٣ / ٥١١ من طريق ليث عن طاوس عن ابن عباس مرفوعا. وإسناده ضعيف ، ليث هو ابن أبي سليم. قال عنه الحافظ في «التقريب» : صدوق ، اختلط أخيرا ، ولم يتميز حديثه فترك. وبه أعله الهيثمي في «المجمع» ١ / ١٣٤. وله شاهد من حديث عمران بن حصين ، أخرجه ابن أبي حاتم كما في «تفسير ابن كثير» ٣ / ٥١١ من طريق عمر بن أبي عثمان عن الحسن عن عمران به. وإسناده ضعيف جدا ، وله علتان : عمر هذا لم أجد له ترجمة ، والحسن لم يلق عمران ، وهو مدلس ، وقد عنعن. وله شاهد من حديث ابن مسعود ، أخرجه الطبري ٢٧٧٨٤ والواحدي ٣ / ٤٢١ من طريق جويبر عن الضحاك عنه. وهذا إسناد ساقط ، جويبر متروك ، والضحاك لم يلق ابن مسعود. وورد من مرسل الحسن ، أخرجه الطبري ٢٧٧٨٥ من طريق إسماعيل بن مسلم عنه. ومع إرساله إسماعيل هذا متروك. وأخرجه القضاعي ٥٠٨ من وجه آخر عن مقدام بن داود عن علي بن معبد عن هشيم عن يونس عن الحسن مرسلا. ورجاله ثقات سوى مقدام بن داود ، فإنه ليس بثقة ، قاله النسائي. ولعله توبع ، فقد قال العراقي في «تخريج الإحياء» ١ / ١٤٣ : أخرجه علي بن معبد في كتاب «الطاعة والمعصية» من حديث الحسن بإسناد صحيح. قلت : ومع ذلك مراسيل الحسن واهية لأنه يحدث عن كل أحد. كما هو مقرر في كتب التراجم. وقد خولف علي بن معبد فيه ، فقد أخرجه الطبري ٢٧٧٨٦ عن يعقوب ثنا ابن علية عن يونس عن الحسن. قوله ، لم يرفعه. وهذا إسناد رجاله ثقات مشاهير.
وأخرجه الطبري ٢٧٧٨٧ من طريق بشر عن يزيد عن سعيد هو ابن أبي عروبة ـ عن قتادة والحسن قالا ...
فذكره موقوفا عليهما. وهو الصحيح عن الحسن وغيره. وحديث ابن مسعود المتقدم ، مع سقوط إسناده ، هو معلول بالوقف ، كذا أخرجه الطبري ٢٧٧٨٣ ورجاله ثقات. وحديث ابن عباس ، معلول أيضا بالوقف ، كذا أخرجه الطبري ٢٧٧٨١ لكن فيه من لم يسم. وقال الحافظ ابن كثير ٣ / ٥١٢ : والأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة والأعمش وغيرهم. الخلاصة : المرفوع ضعيف ليس بشيء ، والصحيح وقفه على من ذكر من الصحابة والتابعين ، والله أعلم. والمتن مع ذلك منكر ، فقد صح ما يخالفه ، وهو ما أخرجه أحمد ٢ / ٤٤٧ والبزار ٧٢٠ وابن حبان ٢٥٦٠ من حديث أبي هريرة بسند صحيح «جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : إن فلانا يصلي بالليل فإذا أصبح سرق ، فقال : إنه سينهاه ما تقول». انظر «تفسير الشوكاني» ١٨٨٧ أو ١٨٨٨ و «أحكام القرآن» ١٧٣٣.