قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٥٢))
قوله تعالى : (وَقالُوا) يعني كفّار مكّة (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ) قرأ نافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم : «آيات» على الجمع. وقرأ ابن كثير ، وحمزة ، والكسائيّ ، وأبو بكر عن عاصم : «آية» على التّوحيد. وإنما أرادوا : كآيات الأنبياء (قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) أي : هو القادر على إرسالها ، وليست بيدي. وزعم بعض علماء التفسير أنّ قوله تعالى : (وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) منسوخ بآية السّيف. ثم بيّن الله عزوجل أنّ القرآن يكفي من الآيات التي سألوها بقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ)؟!
(١٠٩٥) وذكر يحيى بن جعدة أنّ ناسا من المسلمين أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يكتب قد كتبوها ، فيها بعض ما يقول اليهود ، فلمّا نظر إليها ألقاها وقال : «كفى بها حماقة قوم أو ضلالة قوم أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى قوم غيرهم» فنزلت : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ) إلى آخر الآية.
قوله تعالى : (قُلْ كَفى بِاللهِ) قال المفسّرون : لمّا كذّبوا بالقرآن نزلت : (قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً) يشهد لي أنّي رسوله ، ويشهد عليكم بالتّكذيب ، وشهادة الله له : إثبات المعجزة له بإنزال الكتاب عليه ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ) قال ابن عباس : بغير الله تعالى. وقال مقاتل : بعبادة الشيطان.
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٣) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (٥٤) يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٥))
قوله تعالى : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) قال مقاتل : نزلت في النّضر بن الحارث حين قال : (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) (١). وفي الأجل المسمّى أربعة أقوال. أحدها : أنه يوم القيامة ، قاله سعيد بن جبير. والثاني : أجل الحياة إلى حين الموت ، وأجل الموت إلى حين البعث ، قاله قتادة. والثالث : مدّة أعمارهم ، قاله الضّحّاك. والرابع : يوم بدر ، حكاه الثّعلبي.
قوله تعالى : (وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ) يعني العذاب. وقرأ معاذ القارئ ، وأبو نهيك ، وابن أبي عبلة : «ولتأتينّهم» بالتاء (بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بإتيانه. قوله تعالى : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) أي :
____________________________________
(١٠٩٥) مرسل. أخرجه الطبري ٢٧٨٣٨ عن يحيى بن جعدة بهذا اللفظ ، وهذا مرسل.
ـ وأخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم كما في «الدر» ٥ / ٢٨٣ كلهم عن يحيى بن جعدة. بدون لفظ «فلما أن نظر فيها ألقاها» إنما ـ فقال : «كفى بها حماقة أو ضلالة قوم ، أن يرغبوا عما جاءهم به نبيهم ، إلى ما جاء به غير نبيهم إلى قوم غيرهم» فنزلت : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ ...) الآية ـ ولمعناه شواهد.
__________________
(١) الأنفال : ٣٢.